الدكتوره جيهان النمرسى .. المستشار النفسى للمجموعة بقناه دريم 2 جزء من لقاء مصروف الطفل


06‏/06‏/2008

يوميات ماما سارة وبابا عمر وابنهم يحيى

يوميات ماما سارة وبابا عمر وابنهم يحيى

الحلقة ( 1 )


احتضنت يحيى بقوة ونحن عائدين الى منزلنا وكأنى أخاف أن يغيب عن عينى لحظة واحدة .... رفضت كل المحاولات أن يحمله أحد بدلا منى فى السيارة ... أخاف لو تركته أن يتسلل ويدخل داخل رحمى مرة أخرى !!


لا أستطيع أن أبعده عن أحضانى لحظة وعندما طلبت الممرضة ان تودعه حجرة الأطفال كى أستريح من ارهاق الولادة رفضت باصرار وكدت أقتلها ..... ورفضت حتى أن ينام فى سريره الصغير فى المستشفى وأصريت أن ينام بجوارى وأفسحت له مكانا ليكون ملتصقا بى .....ألم يكن ينام بجوار قلبى لأيام وشهور؟! كيف أستطيع فراقه وقلبى أحبه قبل أن تراه عينى ؟!

أجمل طفل رأته عينى .....ولا لأنى أمه أقول هذا ؟ أمه ؟! سبحان الله كيف تحولت فى شهور قليلة من فتاة بريئة تستطيع حشو العالم فى جيوبها وتلمع عيونها بالحيوية والاندفاع والجنون الى أم هادئة عاقلة تخشى من نسمة الهواء أن تصيب ولدها ؟ وتوافق بلا تردد أن تموت ولا يخدش اصبع وليدها ؟



سبحان الله .....لا يمكن أن تتحول الأنثى الى هذه الدرجة بملء ارادتها بل لابد من غريزة ربانية تغزو قلبها بعشق هذا الطفل قبل أن تراه كى تقبل كل هذا الألم والارهاق حتى يشب وليدها رجلا .....يالله حتى فى عشق المرأة لأطفالها يكون الله ثالثهما !!!

والله وبقيت أب يا عم عمر !!!! ايه ده ازاى يعنى ؟ يعنى المفروض أعمل ايه ؟ لا أنا بجد لسه متلخبط وحاسس انى اتاخدت على خوانة يارجالة .......يعنى أخرج من البيت لوحدى ونرجع تلاتة ؟ بس برضه ح أطير من الفرحة وكل ما أبص ليحيى أشوفه ملاك جميل نائم فى أحضان أمه التى ترفض أن يحمله غيرها ....وناقص تديهولى على عرض حال دمغة ! بس بجد أنا لو منها وشفت العذاب ده كله لا يمكن أخلى حد يلمسه ....الحمد لله ان الأم هى اللى بتولد مش الأب !!! وكفاية العض والخربشة اللى شفتهم من سارة فى الولادة !!

والمشكلة انى مش عارف أشيله خالص وحاسس انى بأشيل قطعة كريستال ستنكسر من اى حركة خاطئة ....والكل يصرخ في : سارة وأمى وحماتى بألف تحذير ( حاسب حتلوح رقبته – حط ايدك فى ظهره – ما تبوسوش جامد – دقنك ح تشوكه !!!!) حتى قررت أن أتفرج عليه وهو على ذراع أمه.....يعنى لو سمحت لى !!


رغم ان أنا اللى دفعت كل التكاليف فى المستشفى وخلافه.... وكمان اكتشفت ان عبارة (ألف مبروك واللى جاب لك يخلى لك !) معناها ادفع ياسيدى من سكات ! سمعتها ألف مرة من العمال والممرضات فى المستشفى حتى توسلت لهم أن نرجع البيت فورررررررررررررررا





آه واضح ان تأثير المسكن حيبدأ يروح وبدأت أشعر بأنى 10 فتوات ادونى علقة جامدة جدا أو انى مشيت من طنطا لأسوان !!!!! آلام فى كل جسمى ولا أريد الا أن أنام وتركت تحضير الطعام وأمور البيت لأمى وحماتى وأخذت يحيى بجوارى وأنا أكاد أتفتت من التعب واستغرقت فى النوم فى لحظات معدودة .......

ايه ده هو أنا لحقت أنام ؟ ده أنا ما كملتش نصف ساعة ؟ ده صوت قطة ده ولا ايه ؟ ياااااه مين ده ؟! آآآآآآآآه ده يحيى !!!!! ايه يا حبيبى بس الله يهديك بتعيط ليه نفسى أنام ولو ساعتين بجد ح أموت من التعب .....ياماااااااااما الحقينى أعمل ايه ؟


وجاءت أمى على صراخى وهى تضحك وتقول ( علشان تعرفى الغلب اللى انتى وريتهولى وانتى صغيرة !)


فرددت وأنا أكاد أبكى (طيب ياماما خديه دلوقتى علشان أنام وادى له رضعة ... وأنا أول ما أصحى ح أعرف كل حاجة على طول !!!!!)

فرفضت باصرار وردت على (بلاش دلع قومى رضعى الولد ده ميت من الجوع )

فرددت بتعجب ( أرضعه ؟! ازاى ؟ مفيش لبن لسه ..لا لا ما أعرفش اتكسف ياماما )

فردت وهى تكاد تضربنى ( تتكسفى من ايه يا مجنونة انتى !! يالا الولد ح يموت من الجوع وبعدين هو لما يرضع يا حبيبتى ربنا حيبعت له رزقه وحييجى اللبن يالا بلاش دلع )

فرددت باستسلام (طيب ياماما ....من فضلك أخرجى وأنا حأرضعه !)

فخرجت وتركتنى معه وضممته الى والقمته صدرى بأيدى مرتجفة وأنا أتوقع أن يرفضه أو الا يعلم كيف يرضع .....وياللعجب كأنه غريق وجد قارب النجاة وجدته يحرك شفتيه الصغيرتين ويرضع بكل هدوء واطمئنان ...سبحان الله من علمه هذا ؟ سبحانك يارب ...من أين سيأتى الحليب ؟..آه ..أشعر بشرايين صدرى تتفتح ...وقنواته المغلقة منذ ولدت تتفتح لتستقبل رزق الله من الحليب الطاهر بمجرد أن طلب صغيرى رزقه من الله ....... وأخذ يرضع يحيى حتى ارتوى ونام هانئا .... وسالت دموعى وأنا أرى عظمة الله تتجلى فى هذه المعجزة الربانية.....

ممنوع أدخل أودة النوم علشان سارة ويحيى نايمين فيها ..وماما نامت فى الأودة التانية وحماتى فى المطبخ ....طيب أنام فين عند البواب ؟ من أولها كده يايحيى باشا حنتركن على الرف ؟ ماشى ياعم بس لما تكبر ح أوريك ! خلاص حأنام فى الصالون وأمرى لله بس فى البرد ده ؟! يالا علشان الواحد يقوم عنده كساح ونخلص بقى !

بس سارة وحشتنى ويحيى كمان وحشنى طيب أعمل ايه ؟ فتسحبت لأنام بجوارهما فى دفء الحجرة ومشيت على أطراف أصابعى وفتحت الباب بمنتهى الهدوء لأجد سارة حبيبتى نائمة فى بحر عميق من شدة الارهاق وبجوارها الباشا الذى احتل مكانى !!


ووجدتها فرصة لأدقق فى ملامحه لأجده ورث عيون سارة الجميلة ولونها الخمرى وأخذ لون شعرى الأسود وذقنى ولمست بشرته الحريرية وأنا أتمنى أن يكبر فورا لألعب معه وأعرفه أنى والده ..... وقبلته بحرص شديد ولكن يبدو أنى أقلقت منامه فاستيقظ يبكى ...وحاولت اسكاته لم أعرف طبعا فصحيت سارة مفزوعة واكتشفت جريمتى وصرخت فى ( حرام عليك يا عمررررررررررررررررررر)!!!!!!!





الحلقة ( 2 )



لا أدرى لماذا تذكرت فيلم الحفيد -والأب يبكى وهو يشترى لوازم الولادة من مغات ودجاج وخلافه – وأنا مع حماتى نشترى لوازم البيت والمغات وو و.... مع طبعا اللهمز واللمز من حماتى اننا مفروض نكون اشترينا كل الحاجات دى قبل الولادة .....وانا أتحجج بأن سارة ولدت قبل ميعادها وطبعا لم أقل اننا لم نملك ما نشترى به جناح كتكوت !!

واشترينا كمية من الدجاج تكفى حى شبرا وطن مغات وحلبة وسكر وعسل وأرز ووووووو.......وكدت أبكى أنا الآخر وأترك حماتى وحدها وأتعلل أن عندى مشوار لليونسكو!!

لولا انى وجدتها وقت الحساب تخرج مبلغا ضخما وتحاسب هى ...رقصت من السعادة وأنا أقطب جبينى وأقول ( ليه كده بس يا طنط ؟ طيب لو ما كنتيش تحلفى !!!!!!)


(ايه يا جماعة هو أنا وحش؟ ازاى آكل فرخة كاملة لوحدى ؟ وكمان مسلوقة ؟ لا بجد حرام !!) ولم تجد توسلاتى صدى أمام روسيا وأمريكا أقصد ماما وحماتى ...أخيييرا أجدهم متفقين فى شىء منذ زواجى الا وهو ضرورة جعلى كالدرفيل بعد الولادة من كثرة الطعام ...

فأجدنى فى الصباح مضطرة الى شرب كوب كبير جدا من المغات الذى تعلوه طبقات من السمن البلدى والمكسرات والذى يكفى وحده الى جعلى شبعانة لمدة شهر .... ويتبعه كوب كبير من الحلبة بالعسل الأسود مش عارفة ليه وكل ما أبدأ بالاعتراض تجتاحنى نظرات نارية من الطرفين تجعلنى أبتلع الكوب والملعقة أيضا

.....والمشكلة انى مطالبة بشرب كميات لا نهائية من المغات والحلبة طوال اليوم ....وعندما أرى الكوب الميمون يتجه نحو فمى يكاد لسان حالى يقول ( اشربى يا شابة ماحدش بياكلها بالساهل !!)

ووقت الغداء أجدنى مضطرة الى أكل فرخة ضخمة فى حجم الديك الرومى وحدى لا أعرف لماذا ؟ ومثلها فى العشاء !!!!! لا أعرف لماذا يظنون ان من تلد لابد أن تتحول الى فيل بزلومة ؟ فينك يا عمر ؟!!!!!!!!

سبحان الله نفس الهجوم اللى هجم علينا بعد الزفاف هجموا تانى بعد الولادة !!! الزيارات ليل ونهار بس المرة دى الوضع مختلف ان حماتى هى اللى بتقوم بخدمتهم والنساء يدخلون لسارة فى حجرة النوم وأنا أتدبس مع الرجالة فى الصالون ....ولازم الكل يشرب مغات ليه ولدوا هم كمان ؟

بس بصراحة المرة دى فيه نقوط كتير ليحيى ... بصراحة هو وش الخير علينا كفاية انهم وافقوا على موضوع شغلى الجديد فى نفس يوم ولادة يحيى ...صحيح سبحان الله عمرى ما تخيلت معنى الاية (نحن نرزقهم واياكم ) بالشكل ده.. يعنى ربنا قدم رزق الاطفال على رزق الاباء ....الحمد لله ربنا يخليك لينا يايحيى .....

(جايبة الوحاشة دى منين يا سارة ؟! ) كلمة سمعتها من كل من زارونى واغتظت لها جدا وكنت أغضب وأكاد أقول محدش يقول على ابنى وحش ده زى القمر .......عندما غمزت لى أمى ان الكل لازم يقول كده علشان لو البيبى تعب لا قدر الله مانقولش انهم حسدوه !!! طيب ما يقولوا انه جميل ويقولوا ما شاء الله !!!!

لا والأغرب ان ماما كانت تأمرنى أن أتظاهر بالاعياء الشديد وانى شفت الأهوال فى الولادة علشان برضه الحسد !!! وكنت أرى نظرة نارية منها لو وجدتنى ضحكت بصوت عالى او اقترحت الخروج من غرفة النوم للجلوس مع صديقاتى فتعيدنى هذه النظرة الى النوم على السرير والتظاهر بالكساح !!

آآآآآخ نفسى الضيوف دول يمشوا علشان أنام شوية ...والبيت محتاج فليبينية علشان يرجع لحالته الطبيعية وطبعا علشان حماتى هى اللى ح ترتب البيت ما ينفعش أطنش ولازم أساعدها دى مش سارة علشان أسيبها تعمل كل حاجة وأنا سلطان زمانى !!

لا والمشكلة كمان ان بعد حملة الترتيب القاتلة لن أستطيع النوم فى غرفة النوم كالمعتاد .....يكفينى سهرة امبارح والحفلة اللى كان نجمها الأوحد الأستاذ يحيى من سيمفونية صراخ متواصل حتى الفجر وعزف منفرد من بكاء سارة لفشلها فى اسكاته .......وكنت أنا المتفرج الوحيد فى هذه الحفلة وحاولت المساعدة ولكنى فشلت بالطبع فأخذت البطانية وسلمت أمرى لله ونمت فى الصالون !!!

طيب أنا فى أجازة حاليا حتى الاسبوع القادم عندما أبدأ العمل فى الشركة الجديدة .....ودول ناس لازم أكون فايق جدا معاهم ح أعمل ايه فى الحفلات المسائية للأستاذ ؟ ربنا يستر ....


آآآه أخيرا الضيوف مشيوا خلاص ...نفسى أنام ... أنا بقيت باعتبر النوم ده حاجة كده زى الحلم العربى !! البيه طول النهار نايم وطول الليل صاحى مش فاهمة ليه ؟!! بجد بأبقى خلاص حأرمى نفسى من البلكونة علشان ينام وبرضه مفيش فايدة ...

وطبعا عمر مش عارفة أصلا أشوفه من ساعة الولادة على طول مطرود من الأودة .....ياربى كل الأمهات بيتعذبوا العذاب ده ؟ طيب والأم اللى بتصحى بدرى علشان شغلها بتعمل ايه ؟ آآآآه الحفلة ابتدت جاية يا يحيى باشا !!!!







الحلقة ( 3 )


سارة:

اليوم الأستاذ يحيى كمل 6 أيام من عمره الميمون والله مروا كأنهم 6 سنين !!!!على طوووول صاحية طول الليل وطول النهار...... مش عارفة أعمل ايه حييجى لى انهيار عصبى من قلة النوم وبقيت بأتخيل حاجات ماشية على الحيطة وناس بتكلمنى وأنا بأرد ردود غريبة ....هو ليه كل المواليد بيحبوا يسهروا بالليل ؟ ولو تكرم على ونام بيكون لنصف ساعة ومش عارفة ايه اللى بيحصل ويقوم يعبر عن استيائه اننا جبناه الدنيا الوحشة دى ......

بجد مش لاقية وقت حتى أسرح شعرى ومش عارفة لما ماما ح تسيبنى بعد السبوع حأعمل ايه فى شغل البيت والطبيخ والكوارث اللى ورايا ؟ والمشكلة انى بآخد وقت طويل جدا لحد ما أعرف الباشا بيعيط ليه ؟ بأكون غالبا فى الآخر أنا كمان بأعيط معاه !!!..

.لكن ماما ما شاء الله أول ما تشوفه بيعيط بتتحول الى أستاذ أطفال فى عين شمس وتقولى ( عنده مغص .. عاوز ينام – عاوز حد يزغزغه !!!) وعمر التشخيص ما بيطلع غلط !!!

طيب أنا ح أبقى كده امتى ؟ بعد الطفل العاشر ان شاء الله .......




عمر:

البيت مثل خلية النحل والدى ووالد سارة راحوا علشان يشتروا حاجات السبوع ويوصوا على العقيقة اللى ح تتدبح بكرة فى سبوع يحيى وطبعا هم عارفين البير وغطاه .. فتعللوا انهم بيعرفوا فى الحاجات دى أكتر منى !! آدى الأبهات ولا بلاش !!

وجلست فى انتظارهم حتى عادوا ومعهم صناديق كبيرة مليئة بالحلوى والشيكولاتة وتجمع كل البيت عليهم ...أخواتى وأخوات سارة وماما وحماتى كمان وطبعا أول مرة كشاب أحضر عملية تغليف علب السبوع ... فى لحظات التف الجميع حول السفرة وكل واحد أخذ موقعه حتى سارة استغلت فرصة نوم يحيى وانضمت لفريق العمل الجبار....وكأنهم جميعا طول عمرهم بيغلفوا علب سبوع فى الموسكى وانا الوحيد اللى مش فاهم حاجة !!

لقيت العلبة بتمر على 7 أشخاص تقريبا حتى تكتمل فالأول يحضر العلبة ويضع بها قطعة شيكولاتة والثانى يضع بها البونبونى ثم يسلمها للثالث الذى يغلف الشيكولاته والبونبونى بغلاف دانتيل رقيق ويضعه داخل العلبة والرابع يضع لعبة صغيرة – بدلا من التماثيل الصغيرة التى رفضنا شراءها أنا وسارة لحرمتها –

والخامس يغلف كل هذا بغلاف حريرى ويربط شريط فضى أو ذهبى والسادس والأخير يلصق رباط آخر عليه اسم يحيى وتاريخ ميلاده وآية مكتوب عليها ( لم نجعل له من قبل سميا ) اخترناها أنا وسارة تيمنا بيحيى الرسول عليه السلام

فعلا خرجت علبة السبوع رائعة الجمال ورغم رفضى للفكرة لكونها غير اسلامية وموافقتى فقط كى لا تحزن سارة وكى لا أفسد على الجميع فرحتهم ....فكرت فى فكرة أننا نضيف مع العلبة الصغيرة ورقة صغيرة مطوية بها بعض الأدعية المستحبة وآداب سنن المولود وكيفية شكر الله على نعمة الولد ووافقنى الجميع على الفكرة كى نأخذ ثوابا وأيضا يفرح الجميع ....وكلفنا صاحب مطبعة بطبع ورقة الأدعية بحيث تكون صغيرة الحجم كى توضع داخل علبة السبوع وعجبته الفكرة واستأذنا فى نشرها ......

وبالفعل أضفنا الورقة لعلب السبوع وسبحان الله أعطتها شكلا مميزا عن كل علب السبوع المعروفة ......وكنت واقف أراقب فريق الموسكى وهم يعملون بمهارة حتى أصروا جميعا أن أشاركهم ...وطبعا أفسدت كذا علبة فى الاول بس بعد كده بقيت حريف أنا كمان .......




سارة :

ماما أخبرتنى أن ليلة السبوع لابد أن تستحم الأم بالماء الساخن وتدلك كل جسدها فى وقت طويل جدا كى تخرج من جسدها آثار تعب الولادة وتعود عروسا مرة أخرى ولابد أن تصفف شعرها جيدا و ترتدى شيئا جديدا تنام به فى هذه الليلة !!

ضحكت فى سرى وأنا أسمع التفسير العبقرى ورغم انى لا أحب أن أتبع عادات لا أفهمها ولكنى كنت سعيدة بكل هذه الطقوس الخاصة وأريد أن أعيش تجربة الأمومة لأول مرة بكل تفاصيلها فكنت أوافق على كل العادات القديمة طالما ليس بها شىء حرام ...فوافقت أمى وبالفعل شعرت أنى أفضل كثيرا بعد جلسة المساج الاجبارية ....

وجاء دور يحيى هو الآخر لابد أن يستحم فى هذه الليلة داخل غرفته وكاد قلبى يسقط من الخوف عليه لبرودة الجو جدااااااااا ولأنه استحم بالفعل فى المستشفى ولكنهم ماما وحماتى اصروا وأحضروا بانيو الاستحمام البلاستيك الخاص به وفرشوه بملابسه كى لايكون باردا عليه وأغلقوا الباب .....

وما أن خلع كل ملابسه حتى صرخ من البرودة وأخذت كل أسنانه تصطك وتحول مثل القطة الصغيرة حديثة الولادة التى تصارع الأمواج وتحول لونه للأزرق من شدة البكاء ......وحماتى تضحك وترقيه ببعض الآيات وانا لا اتوقف عن البكاء وعمر دخل الغرفة ليرى عملية التعذيب هو الآخر ولم يحتمل لحظات وخرج .....

وأنا أتوسل لهم أن يتركوه بلا فائدة ....وأخييييييرا انتهى الحمام التعذيبى وأحضروه لى وهو لا يكف عن الصراخ وهدأ ونام فقط بين أحضانى .......




عمر :

هى كل حاجة بتتعمل للأم والاب خلاص بيتركن على الرف ؟ لازم الواحد يعمل ثورة فى البيت ده علشان يرجع سى السيد تانى !! بس ايه ده الواد يحيى لونه فتح شوية بعد الحمام واضح ان ماما قتلته وهى بتحميه !! ....

لكن جميل أوى الجو اللى عملوه فى أودة النوم ده هى وحماتى ....فرشوا مفرش سرير جديد وأشعلوا شموع لابد أن تظل مضيئة طول الليل رمز لانارة طريقه ان شاء الله ووضعوا مصحف صغير فوق رأس يحيى وهو نائم ووضعوا ورود ونباتات خضراء حول السرير كى تكون حياته كلها خير ورخاء ......وأخيرا أداروا القرآن فى الكاسيت بصوت منخفض جدا ليظل دائرا طول الليل كى تظل كلمات القرآن فى صدره طول العمر .......

وفى هذا الجو الجميل رأيت أحب شخصين لى فى الوجود سارة وقد أشرق وجهها وأضافت له الأمومة لمحة حنان تمس القلب ....وحبيبى الصغير وهو نائم كالملائكة وقد استرخى جسده بعد الحمام الساخن فنام نوما عميقا ورأيته يبتسم لأول مرة فى أحلامه فزاد جمالا فوق جماله ......يارب كيف أشكرك على كل هذه النعم ؟






الحلقه ( 4 )

(السبوع)


استيقظت فى الصباح انا وسارة لأول مرة بدون الحفلة المسائية للأستاذ يحيى واضح ان مفعول الحمام والقرآن طول الليل جبار معاه ....الحمد لله أول ليلة سارة تنام من غير قلق واستيقظت مش مصدقة نفسها انها نامت مرة واحدة زى الناس الطبيعية وهمست لها :

صباح الخير يا حبيبتى نمتى كويس ؟


فردت على همسا هى الأخرى خشية ايقاظه : ياااااااااااه ده انا مش مصدقة نفسى انى نمت كل ده من غير ما يحيى يصحى .....


ربنا يخليه ليكى يا حبيبتى يالا لبسيه حاجة ثقيلة علشان آخده معايا


فردت سارة برعب : على فين ؟

يووووووووووه يا سارة هو احنا ح نتكلم فى الموضوع ده تانى ؟ انتى عارفة على فين


فردت بفزع : لا أرجوك يا عمر بلاش النهاردة استنى شوية لحد ما يكبر

فرددت عليها بعطف : بصى يا سارة ياحبيبتى السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ان المولود فى اليوم السابع بيحلق شعره كله والاب يتصدق بوزن الشعر وزن مساوى من الفضة وكمان ان يتعمل عملية ختان للمولود فى اليوم السابع زى ما الرسول عليه الصلاة والسلام عمل للحسن والحسين ....عاوزانا نخالف السنة ليه ؟


فردت بتضرع وكادت تقبل يدى : مش ح أخالفها ولا حاجة بس احسب وزن الشعر يكون كام واتبرع بأكتر منه وبلاش تحلق له وأجل موضوع الختان شوية لحد ما يكبر أرجوك يا عمر علشان خاطرى


فرق قلبى لرعبها على وليدها ورددت بحنان: ما تخافيش يا حبيبتى مش ممكن فيه حاجة فى الدين بتؤذى الوليد ويعنى هو مش ابنى ما هو أنا كمان خايف عليه



فبكت بالفعل وهى تخبرنى من بين دموعها : لا ياسيدى انت ما تعبتش فيه زيي ولا شفت الموت فى ولادته وانت خسران ايه يعنى ؟



-فضممتها الى وقلت لها : احنا اتفقنا اننا ح نربيه تربيه اسلامية من اول يوم فى عمره حترجعى فى كلامك ولا ايه ؟


ماما وحماتى مشغولين بتوزيع لحم العقيقة التى ذبحها بابا فى الصباح على الفقراء والبيت كله فى حركة دائمة وأعلنوا حالة الطوارىء فى المطبخ لأعداد وليمة السبوع وطهى بقية العقيقة وبقية أخواتى وأخوة عمر يعلقون الزينات ويرتبون الشموع استعدادا للمساء عندما يأتى كل الأهل والاصحاب .......


وأنا غائبة عن كل هذا وأكاد أرى أشباحا وقلبى وعقلى مع ابنى وهم يقطعون جزءا من جسده آآآآآآآآآه كلما أتذكر هذا لا أتوقف عن البكاء .....وكل دقيقة أتصل بعمر على الموبيل حتى مل منى وأغلقه نهائيا ...وأخيييرا جاء هو ووالده ومعهم يحيى وللغرابة وجدته نائم وأخبرنى أن الطبيب أعطاه مسكن وسينام فترة وأن الموضوع تم بسهولة وفى دقائق.......

.......كدت أقتل عمر وهو يتكلم بهذه البساطة ....صحيح الرجالة قلبهم حجر !! وحضنت يحيى بقوة لأعوضه قسوة أبيه !! وخلعت عنه الكاب لاجده أصبح شبه ابراهيم نصر !! حلقوا له شعره بالموس وأصبحت رأسه ما شاء الله زلطة ............وقبل أن أصرخ فى عمر وجدته هرب من أمامى !!

أخذته الى حجرة النوم وأخذت أبكى بلا توقف ......آه لو أعلم أن الأمومة متعبة بهذا الشكل لما كنت تزوجت من الأصل ......وأفقت على يد عمر تربت على كتفى فدفعته بقوة وعلا صوتى وأنا أصرخ فيه :

-انت بجد قلبك حجر ولا يمكن ح أسيبه معاك تانى أبدا أبدا




فرد بهدوء وكأنه يكلم مجنونة : خلاص أوعدك المرة الجاية مش ح أوديه لأبو رجل مسلوخة تانى ...مش تعقلى كده ياسارة ؟ ما الولد كويس الحمد لله


فرددت بعصبية : استنى لما يصحى وشوف ح يعمل فى ايه .....حرام عليك والله



فرد بحنان : خلاص يا ستى لما يصحى أنا اللى ح أسكته اتفقنا ؟ وبعدين مش تشوفى أحنا جبنالك ايه أنا ويحيى بمناسبة الولادة والسبوع ؟


فرددت بعناد : مش عاوزة منك حاجة


فلم يرد على وأخرج كارت صغير مكتوب عليه بخطه (أنا بحبك ياماما الامضاء يحيى ....)


فلم أتمالك نفسى وابتسمت وأحسست أن أبنى كبر فعلا وهو اللى كتب بخطه ولم أنتظر حتى فاجأنى عمر بعلبة أنيقة أخرج منها خاتم رائع به فراشات كثيرة شبيه بالخاتم الذى أهداه لى فى قراءة الفاتحة .....ياللرقة ....وخجلت من نفسى من عصبيتى ورددت بصوت هامس :

-ربنا يخليكوا لى يارب ............ ......... ....



جلس جميع رجال العائلتين فى الصالون بعد الغداء الدسم والتهام العقيقة ساكنين خاشعين فى استماعهم الى صوت المقرىء الذى أتيت به ليتلو آيات الله بعد العصر والكل تعجب من الفكرة ....سبحان الله لماذا القرآن لدينا والمقرئين مرتبط فقط بالموت والمآتم ؟ ألا نتذكر الله الا فى الحزن ؟! ورغم استغراب الكل الا اننى وجدت الجميع سعداء ومنتشيين من حلاوة صوت الشيخ وأثنوا على فى الفكرة .......

وقطع سكون البيت صوت يحيى وهو يصرخ بشدة لم أسمعها منه من قبل فاستأذنت وجريت له فوجدته يبكى حتى تحول وجهه للون الأزرق وسارة حالتها لا توصف فأحسست بالذنب الشديد ولكنى تمالكت نفسى وأخذته منها وأعطيته نقط الدواء المسكن وأخذت أهدهده وأقرأ له القرآن فى أذنه حتى نام أخيرا ........


بدأ الناس والأصحاب يتوافدون وأنا عيناى متورمتان من البكاء ونهرتنى ماما عندما رأتنى فى هذا الشكل وجعلتنى أبدل ملابسى بالأمر ......وجاءت حماتى واختارت لى طاقم سواريه لا أرتديه الا فى المناسبات وهمست فى أذنى أن الناس لابد أن ترانى عروس اليوم ..........

ودقائق قليلة وأصبح البيت يعج بالناس لا أعرف من دعى كل هؤلاء ؟!! وخفت على يحيى من هجوم الجميع عليه وأخذته فى حضنى لا أفارقه وأنا أقرأ المعوذتين باستمرار .....وانطلق صوت الاطفال يغنون أغانى السبوع الجميلة وأضفوا بهجة على البيت وشعرت انى فى فرح حقيقى ........

ولحظات وانطفأت الأنوار وأمسك الجميع الشموع كبارا وصغارا وأخذوا يغنون ( حلقاتك برجالاتك ) وأمى تنثر الملح فوق رؤس الجميع ومعه السبع حبات والتى علمت انها عادة قديمة أعتقد فرعونية وهى مكونة من القمح والذرة والحلبة ووووو وكل واحد من هذه الحبوب يرمز لشىء يتمنون أن يكون فى حياة المولود مثل الخير والرخاء ووو......

وهددتنى ماما أن لابد أن تظل هذه الحبوب مع الملح فى أرض الشقة وأمام المنزل أطول فترة ممكنة ولو كنستها احتمال تبلغ عنى البوليس


ياااخبر أبيض ايه الفزع ده ؟!! ماما بتدق الهون فى ودان يحيى بكل قوة علشان لما يكبر ما يخافش من الأصوات العالية بس أنا اعتقد أنه بعد الدق ده مش ح يسمع لا عالية ولا واطية !!! لا وكمان حطينه فى غربال وبيهزوه مع مجموعة من النصائح اللى تودى فى داهية ( اسمع كلام أمك .....اسمع كلام جدتك –طبعا- ما تسمعش كلام أبوك !!) ح يفسدوا أخلاق الولد من دلوقتى


وجاء وقت البخور وامتلأت الشقة برائحته الزكية وجعلونى أمر من فوقه وأنا أحمل يحيى 7 مرات وعمر لا يتوقف عن التقاط الصور لنا وكأننا فى فيلم سينمائى .....بس بجد رغم ان كل العادات دى مش اسلامية لكن لا يوجد بها مايضر بل أعطتنا بهجة وذكرى لن تنسى ......

وأخذت ماما يحيى وأخذت تلف به كل حجرات الشقة وكأنها تريه بيته ....وصرخت عندما وجدتها تخرج به الى البلكونة فى هذا البرد الرهيب .....ولكنها أصرت ووجدت كل الجيران واقفين فى البلكونات وكأنهم يعلمون أن ماما لازم ح تطلع البلكونة ....ياربى كل الامهات شبه بعض !!!

ولم يكتفوا بالبلكونة ولكنهم خرجوا به الى خارج الشقة ووراءهم طابور الاطفال بالشموع ونزلوا به عدة طوابق وكل شقة يصلون اليها تستقبلهم الامهات برش الملح والزغاريد أيضا .....وأخذ الجميع يأخذون علب السبوع ويعطوننا الهدايا وأغلبها والحمد لله مبالغ مالية .......ولم أعد أعرف أين يحيى فى هذا المولد ..وأخذت أبحث عنه فى كل مكان ..حتى وجدت يد تمتد فى الزحام لتحتضن يدى ووجدته عمر يقول لى : (الف مبروك يا عروسة !!!!!)






الحلقة ( 5 )


مر ثلاث أسابيع على ولادتى يحيى .....زاد وزنه قليلا واستدار وجهه وظهرت ملامحه أكثر..عمر يصر انه شبهه وأنا أحلف أنه شبههى أنا !! وأصبح يعرف صوتى وعندما أناديه أو أتحدث بصوت مرتفع بجواره ينصت ويتوقف عن البكاء .....وماما بتقول لى انه بيعرف رائحة أمه من يوم الولادة سبحان الله !

وطبعا لا علاقة له بعمر أبدا لأنه حتى الآن يعجز عن حمله بصورة صحيحة ويكتفى بملاعبته وهو على كتفى لدقائق قصيرة !! وده لأن أنا نفسى بأشوفه طول اليوم لساعات قليلة علشان الشغل الجديد ........وأحيانا يأتى ولا نراه !!

انا سعيدة جدا بيحيى وأشعر انه أعطى حياتى طعما جديدا وأستعجب كيف كنت أعيش بدونه لكن فى نفس الوقت أشعر بشعور رهيب من الحزن والاكتئاب والرغبة الدائمة فى البكاء لأقل الأسباب وأحيانا بدون أسباب ......

لا أعرف سبب رغبتى الجديدة فى تذكر كل الأحداث الحزينة التى مرت على وتخيل ما يمكن أن يحدث من سوء لى وليحيى وعمر ...وعندما يتعطف على يحيى باشا ويسيبنى أنام أحلم أحلام سيئة جدا بأنى دائما بأفقد يحيى وووو ......

أحيانا أرفع سماعة التليفون كى لا يكلمنى أحد على الاطلاق حتى ماما .....حتى الاكل بآكل غصب عنى ولا اشعر بمذاق اى شىء ولا رغبة عندى أن استمع الى عمر وهو يحكى لى كل يوم عن عالمه الجديد بمنتهى الحماس وأنا أسمعه وكأنى من عالم آخر ..........

ياخبببببببر !!! ده الواحد كان مدفون فى شركتى القديمة !! ده انا كنت بأمثل انى بأشتغل مهندس والظاهر انى كنت شيخ غفر !!

الشركة الأجنبية الجديدة شغلها من نار مفيش دقيقة دلع ولا رغى فى التليفون ولا شرب شاى وسندويتشين فول !! ولا مجال للخطأ او التهاون لأنهم يطبقون فى العمل نظام الأفضلية فقط ولو تهاون أحد لا مكان له ويستبدل بمهندس غيره فى يومين على الأكثر ......

وميعاد تسليم المشاريع لا يمكن التأخير فيه الا لو مت مثلا !! والأكثر انك فقط لا تؤدى العمل المطلوب منك فقط ولكن طول الوقت مطلوب منك أن تطور نفسك وتطور الشركة بأفكار ومشاريع جديدة تساعد على سير العمل وتطور الأداء وهذه الافكار يؤخذ عليها نقاط توضع فى ملف كل مهندس وعلى أساسها تتم ترقيته على قدر عمله........

وليس عن طريق الاقدمية أو عن طريقنا المفضل أن من ينقل كل أخبار الموظفين ويكون جاسوس عليهم يكون هو حبيب المدير وأهم موظف فى الشركة حتى لو كان لم يدخل حتى محو الأمية !!!!!!!

ماما قالت لى ان الغم اللى أنا معيشة نفسى فيه سببه اكتئاب ما بعد الولادة وده بيحصل لأمهات كتير .....استغربت جوايا وقلت ليه ربنا يدينا نعمة زى الامومة ونكتأب ؟

حاولت أقرا فى الموضوع ده ودخلت على النت لقيت انه بيحصل من اضطراب الهرمونات بعد الولادة لأنها بتهبط فجأة بعد ما كانت مستقرة طول شهور الحمل .......

واترعبت لما لقيت حالات فى اوروبا وأمريكا دخلوا حالة مرضية من الاكتئاب وقتلوا أولادهم ومنهم انتحروا !!!! أعوذ بالله ربنا يستر ........لا لازم أحاول أخرج من الحالة دى قبل ما اتجنن !!


ح أحاول اسمع قرآن مادمت مش قادرة أقراه .....أحاول أقرا الجرايد تانى او أروح للكوافيرة اللى نسيت عنوانها فين !! بس والله غصب عنى كل ما بأشوف شكلى فى المراية وان وزنى زاد شوية بأعيط ولما بأحس انى معزولة عن العالم وكل حياتى داخل الكوافيل والرضعات والبكاء المستمر باكتأب .........

ولا شعوريا بأحس ان عمر هو السبب فى كل اللى حصل لى فبأبعد عنه أكتر وأكتر !! وهو كمان مشغول جدا فى شغله ولا يفكر ان يشاركنى فى تربية يحيى .......حتى انه ساب اودة النوم وأصبح ينام لوحده فى الغرفة الصغيرة طبعا من كونشرتو آخر الليل للباشا يحيى !!

وعندما أغضب وأطالبه الا يتركنى وحيدة يتعلل بأنه لازم ينام كويس علشان يعرف يشتغل الصبح لأن الناس دى ما بتهزرش !!! طيب وانا أعمل ايه ؟ هو ابنى لوحدى ؟

ده غير انى أصلا مش بأنام طول الليل والصبح مطلوب منى انى اراعى البيت وانضف وأطبخ غير المعارك اليومية ليحيى والتى لا تجعلنى أجد وقت لانجاز كل الكوارث اللى ورايا دى .....

وبجد حاسة ان انا وعمر بعدنا عن بعض كل واحد فى أودة وبينام بدرى لأنه بيرجع متأخر من الشغل الجديد وأنا أفضل وحيدة ......ومش عاوزنى أكتأب ؟ !!!!!

خلاص الظاهر شهر العسل خلص خلاص وحيبتدى الجواز الاصلى !! مش عارف أتكلم مع سارة ولا نقعد مع بعض زى زمان يااما نايمة لأنها سهرانة طول الليل مع يحيى يااما بتجرى تحضر له رضعاته او بتغير له يااما مكتأبة ومش عاوزة تتكلم خالص !! وانا بجد مش عارف أعمل ايه ؟ ومش عارف أساعدها ازاى يعنى اسيب شغلى وأقعد أرضع انا يحيى ؟ !!!

بجد سعيد جدا بأنى بقيت أب ولو خيرونى بين كنوز الدنيا وبين يحيى أختار ابنى طبعا !!

بس حاسس انى خلاص بقيت فى المرتبة التانية عند سارة ......والله واتركنت على الرف يا عم عمر






الحلقة ( 6 )


النهاردة يحيى باشا كمل شهرين بالتمام والكمال خلاص بقى راجل قد الدنيا ومحدش عارف يكلمه ....بقى بيضحك لما ألاعبه بجد بجد ابتسامته لايمكن توصف بتمسح عنى اى تعب او ألم ........والظاهر هو عارف كده بيعمل كل كارثة والتانية وبعدين يبتسم لى كأنه بيدينى رشوة !!!....آآآآآآآآآه واضح ان جينات الرجولة بتتخلق من بدرى اوى !!!

لا وواضح انه ح يبقى شقى جدا عاوز يرفع دماغه على طول علشان يعرف ايه اللى بيحصل فى الدنيا من وراه !! ولا يقبل أى تأخير فى طلبات سيادته ولو لدقيقة واحدة بيكون كل الشارع سمع صوتنا !!

بس بجد كل يوم بسأل نفسى ازاى كنت عايشة فى الدنيا من غيره ؟؟؟؟ صحيح انى نسيت النوم و الراحة والخصوصية بس سبحان الله ربنا بيعوض كل ده بكنز خاص اسمه الأمومة ......

المدير عاوز تصميم المشروع الجديد جاهز فى أقل من شهر حتى لو اضطريت انى أبات فى الشركة انا وزمايلى مش مشكلة المهم يتسلم فى ميعاده بالثانية ......أمال ليه احنا فى شركاتنا العربية كل حاجة ماشية بالبركة ؟ وعادى جدا اننا نسمع عن مستشفى مثلا بيتبنى فى عشرة وعشرين سنة كمان ؟ طبعا كل ده مش وقت للبناء بس بيشتغلوا يوم ويريحوا شهر !!!

بس فعلا مش قادر على ضغط الشغل حاسس انى مطحون وكل حاجة عندى بالدقيقة والثانية .....وانا كمان فى مرحلة اثبات الذات فى الشركة وغير مسموح لى بأى خطأ أو تهاون ....

وللأسف جو البيت لم يعد مشجع زى زمان .....سارة طول الوقت عينيها بتتهمنى بالتقصير ناحيتها وناحية يحيى ....رغم انها لم تصرح بده بس أنا بأحس بيها ...لكن أعمل ايه بأرجع البيت بأكمل شغل على الكومبيوتر والنت وبالعافية بأنام كام ساعة .....مفروض انى أسيب ده كله وأسيب الدوامة دى وأسألها يحيى رضع كام مرة النهاردة ؟ ستات رااااايقة !!!

أجازتى من شغلى انتهت وكان لازم أرجع والا يستغنوا عن خدماتى ويجيبوا حد تانى ...وكان قرار صعب جدا انى أرجع ولا أقعد فى البيت وخلاص ....كنت محتارة جدا فى القرار والكل كان رأيه انى أتفرغ لتربية يحيى وخلاص وأولهم عمر طبعا !!!....

وأنا كنت حاسة انها حاجة صعبة جدا .....انى مش لاقية وقت أخرج ولا أنام زى البنى آدمين الطبيعيين لا وكمان أصحى بدرى وأشتغل !!!.......وساعدت حالة الاكتئاب اللى كانت عندى - واللى الحمد لله انتهت بمرور الوقت وبتقربى الى الله – ساعدت كمان انى ما يكونش عندى قدرة انى اعمل اى حاجة تانية ........

لكن بمرور الوقت أصبحت أفضل فى رعاية يحيى وبقيت بأعرف هو بيبكى ليه وحاولت أنظم مواعيد رضعاته....... فحسيت انى لازم أرجع أشتغل تانى وخصوصا انى لا يمكن ح ألاقى وظيفة انى أشتغل من البيت تانى !! فصليت استخارة وحسيت ان ده مستقبلى حتى لو كان بسيط بس انا مش عاوزة أكون زوجة و أم بس لأ لازم أكون قبل دول .........سارة ....

لازم أحافظ على شخصيتى وما أسيبهاش تدوب فى دوامة البيت والأطفال .حتى لو تعبت شوية لكن أكيد ح أتعود ......ولو ما تعبتش دلوقتى فى شبابى ح اتعب امتى ؟

لكن الايام الاولى كانت أنتحار بجد طول الليل سهرانة مع يحيى وبينام بعد الفجر يادوب أصلى وأنام ساعتين واصحى أقعد على الكومبيوتر وأبدأ فى ارسال الايميلات والرد على العملاء بس طبعا بأمووووت من التعب وأحيانا كنت بأنام وأنا قاعدة وأصحى مفزوعة من صوت التنبية فى الرسايل اللى بتوصل كل ثانية !!

وأفضل أشرب شاى وقهوة لحد ما أفوق وفى خلال كل ده أرتب البيت بسرعة ......ويحيى معايا طبعا بأعمل له كل طلباته بدون توقف ...... لحد ما ينتهى العمل الساعة 3 وبأكون خلصت الغداء وبأحاول أنيم يحيى وأنام جنبه ولو ساعة او ساعتين وبعدها أصحى أستعد لحضور عمر الساعة 6 ........آآآآآآآآآه يارب ساعدنى !!

-
-
-
-
- سارة .. سارة..اصحى انتى نايمة على الكنبة ؟!!

- ايه ده ايه ده ؟ انت جيت يا عمر امتى ؟ احنا الصبح ولا بالليل ؟

- الساعة 7 بالليل ياسارة ..قومى يا حبيبتى علشان ناكل انا جعان جدا عاوز آكل بسرعة علشان ورايا شغل كتير .....

- شعرت بصداع رهيب وأنا أحاول أن أقوم من مكانى ....واتضايقت لما وجدت عمر يسأل عن الأكل ولم يسأل على أنا أو يحيى .......فرددت بعصبية عليه ( طيب اسأل على أنا وابنك قبل ما تسأل عن الأكل يا سيدى !!)

- فتفاجأ عمر من رد فعلى العصبى ويبدو انه هو كمان كان مشحون على الآخر فرد بعصبية (هو احنا مش ح نخلص من الموال ده ياسارة ؟! كل يوم تتهمينى انى مقصر فى حقكم انتى ويحيى ؟! يعنى لى بيت تانى مثلا بأهتم بيه ؟؟ وانتى عارفة قد ايه الشغل الجديد متعب أعمل ايه يعنى ؟)

- فرددت بعناد : والله انا مش بأطلب منك تسيب شغلك وتقعد جنبنا ....بس على الأقل حاول تشاركنى ولو نفسيا فى تربية يحيى ..ده انت حتى بتنام فى اودة تانية ...لأ أنا بجد تعبت وحاسة انى عايشة لوحدى

- فرد بصراخ : يادى النكد الأزلى ...مش ح نخلص من السيرة دى ياسارة ؟ طيب قولى لى ازاى انام وطول الليل يحيى بيصرخ ؟ يعنى أروح الشغل مش نايم علشان أترفد ونقعد على باب السيدة كلنا ؟ كده ابقى بأشاركك نفسيا ؟!!

-فصرخت أنا الأخرى : والله ما أعرفش هو مش ابنى لوحدى حرام انك تسيبنى لوحدى فى كل حاجة كده ............

- ففاجأنى برده القاسى : والله انتى اللى سايبانى يا هانم !!.......قبل ما تتهمينى بالتقصير شوفى نفسك الأول !!!

انتى اللى من يوم ما ولدتى مش مهتمة بنفسك و مش شايفة غير يحيى بس وناسية ان ليكى زوج ......وحتى ما بتسألنيش عملت ايه فى الشغل ولا ليكى دعوة بيه خالص ...خلاص اتركنت على الرف من اول طفل امال لما يبقوا تنين تلاتة حتعملى ايه ؟ حترمينى فى الشارع ولا ايه ؟


فذهلت من هجومه على وشعرت بانهيار تاااام ......كل هذا المجهود الرهيب وأكون أنا المقصرة ؟؟؟ فعلا لا حدود لأنانية الرجال ........لم أقوى حتى على البكاء ولا الصراخ ..تجمدت الكلمات على لسانى .ونظرت اليه وكأنى لم أره من قبل .......وشعرت بدوار كبير وسمعت صوته وهو ينادينى من مكان بعييييد ......ومادت الأرض بى وووو فقدت الوعى






الحلقة ( 7 )


فتحت عينى بصعوبة شديدة لأجد نفسى نائمة فى سريرى ويحيى نائم بجوارى وعمر ينظر لى بقلق بالغ وبيده عدة عطور يحاول افاقتى بها .....شعرت بصداع رهيب لم أشعر به من قبل وثقل شديد فى رأسى .......وتذكرت ما حدث فأغمضت عينى كى لا أرى عمر وسالت دموعى ......

-همس عمر وهو ممسكا بيدى : حمد لله على السلامة يا حبيبتى ......كده تقلقينى عليكى ده انا كنت ح اموت لما أغمى عليكى ............

-........... ......

-انا آسف ......

-........... .

-مليون آسف يا حبيبتى .....بس أنا كنت راجع ح اموت من التعب وكنت عاوز أرتاح شوية علشان ورايا شغل تانى .........بجد أنا مشحون جدا يا سارة ومفتقد حبيبتى جنبى ...

-فرددت عليه بصوت ضعيف : انا كمان تعبانة اوى يا عمر ومحتاجاك معايا ......مسئولية الأمومة متعبة جدا ولازم يكون حد معايا وانت من يوم ما ولدت وانت بعيد عننا وحتى بتنام فى اودة تانية ......حاسة انى وحيدة جدا ....ده انا بيتهيألى انك مش مبسوط اننا خلفنا يحيى !!!

-فرد بانزعاج : ايه الجنان ده ؟؟!!!!!! لا اله الا الله .....ده انا اموت لو بس اتجرح انتى مجنونة ياسارة ؟

-فرددت من بين دموعى : أمال انت بعيد ليه ؟؟

-فرد بحنان بالغ : والله غصب عنى ...عاوز أثبت نفسى فى الشغل الجديد انتى عارفة انى لسه فى فترة اختبار اول شهرين .....معقول من أولها كده أنام فى الخط وأروح مش فايق علشان يقولوا لى مع السلامة ؟

-فرددت بعناد : طيب والحل ؟

- ياسارة لازم تعرفى ان أهم حاجة فى حياة الراجل هى شغله وأهم حاجة فى حياة الست هى اولادها وبيتها وكل خناقات الدنيا بتيجى لما طرف من الاتنين بيفترض العكس من شريكه ......احنا الاتنين لازم نتعب علشان نربى ابننا احسن تربية .......

-بس انا تعبانة اوى يا عمر .....

-خلاص ياسارة صدقينى ح احاول والله على قد ما أقدر انى أساعدك اتفقنا ؟

-فرددت برضا : اتفقنا ..........

وجاءت الأيام التالية وكلى تصميم على تنظيم حياتى وتغييرها لنشعر جميعا بالراحة وبدأت بأنى استشرت طبيبة أطفال فى نوم يحيى المتقطع وسهره بالليل وتعبى معه فردت على رد صدمنى أننى أنا السبب !!! .....ياربى ناقص يقولوا انى سبب خرم الأوزون !!!!

وجاء توبيخ الطبيبة لى ان المفروض من اول اسبوع ان احاول الا أرضع يحيى بعد الساعة 12 مساء حتى السادسة صباحا كى ترتاح معدته وينام باستغراق طوال هذه المدة ......لأن الطفل مادام يستيقظ ليلا ويجد أمه ترضعه كل مرة سيستيقظ كل ساعة حتى لو لم يكن جوعان !! لكنه لو علم انها لن ترضعه سيبكى اول يومين وبعدها لن يستيقظ طوال الليل !!

طبعا سمعت كلام الطبيبة وانا فاتحة فمى علامة البلاهة .......يعنى كان ممكن أرتاح من الغلب ده كله ؟؟؟؟ يارب ساعدنى ........

وعزمت على تنفيذ ما قالته الطبيبة بالحرف الواحد واخترت يوم الاربعاء مساء ليكون الخميس والجمعة أجازة بعدها وبالفعل حاولت تنظيم رضعاته ولم أرضعه ليلا .....


وبالطبع كانت استغاثاته دولية وكان ناقص يقوم يتصل بالبوليس من الست المفترية دى !! وكدت أضعف وأرضعه الا انى صمدت وانا أبكى من صراخه ......وفى النهاية نام !! فعلا الاطفال فى غاية الذكاء عندما علم أن لا فائدة من صراخه نام وأكيد بيقول فى سره حسبى الله ونعم الوكيل .........

لكن بعد عدة أيام من العذاب الحمد لله استسلم ولم يعد يستيقظ ليلا وأصبحت أنام زى مخاليق ربنا .......وبعد أسبوعين آخرين اقنعت عمر ان يحيى أصبح أليف ورجع ينام فى أودتنا تانى ..........اقتنعت دلوقتى ليه ربنا عمل هجر الفراش وسيلة من وسائل تأديب المرأة !!!!


الحمد لله أخيرا أنتهت فترة الاختبار فى الشركة وأبدوا أعجابهم بنشاطى ومجهودى وأصبحت مهندس دائم فى الشركة والأهم انى أخييييرا ح أقبض مرتبى بعد فترة الاختبار المجانييييية !! والله وح تبقى غنى ياواد ياعمر ومحدش ح يعرف يكلمك .......

لازم بجد أكافىء سارة وأشترى لها هدية محترمة على الغلب اللى شافته معايا ....انا فعلا كنت لا أطاق فى الفترة اللى فاتت ......مش عارف ليه الست ممكن تركز فى كذا حاجة فى نفس الوقت وتعملها كلها بكفاءة تلاقيها بتذاكر لابنها وبتتفرج على التليفزيون وتتكلم فى التليفون وبتطرز مفرش فى ايديها ومتابعة بقية ولادها وهم بيلعبوا !! والراجل لو بس بيتكلم فى التليفون وحد على صوته ولا حاجة بيعمل حريقة فى البيت لأنه مش مركز فى المكالمة !!

أنا فعلا لما بأركز فى شغلى مش بأعرف أعمل أى حاجة تانية ..........بس خلاص بقى فترة الضغط الرهيب دى عدت على خير ولازم أعوض سارة ويحيى باشا ...........

-

-

-

-


-( ايه كل ده ياعمر؟؟؟!! مش معقول ؟ انت قتلت حد ولا ايه ؟ ) قلت هذه العبارة باستغراب شديد وأنا أجد عمر يدخل البيت ومعه سرير هزاز جميل ليحيى مزود بألعاب تصدر أصواتا لاسكاته ....ومجموعة من الألعاب المطاطية وكذا طقم خروج ليحيى شيك جدا ...........

ولم أنتظر لحظة الا وفاجأنى بفستان سوارية لى فى غاية الأناقة .........قفزت من الفرحة وأنا أشكره وأقول له ( ده كتير أوى يا حبيبى .......انت قبضت ولا ايه ؟ )


-( ايوة يا قمر قبضت أخيييرا وكمان اخدت مكافأة شهور الاختبار .....يعنى باختصار انا حاليا انسان غنى اوى وانتى مش من مستوايا واحتمال ما أردش عليكى بسهولة !!)

-وطبعا كان جزاؤه ضربه بكل مخدات الأنترية وهو يصرخ ويطلب الرحمة ولم أتوقف عن ضربه الا عنما فوجئنا أنا وعمر بصوت يحيى يضحك بصوت مسموع على معركتنا أنا وأبيه ......

فجرينا نحوه واحتضناه ونحن لا نصدق آذاننا وأخذنا نضحكه أكثر وأكثر بافتعال الحركات المضحكة وهو يزداد فى ضحكاته العالية ......واحتضننا عمر بسعادة بالغة وطلب منى ان أرتدى الفستان الجديد ويحيى الملابس الجديدة لأننا سنخرج للعشاء فى أشيك مطعم على النيل ............

وجريت على الفور لنلبس أنا ويحيى قبل أن يرجع فى كلامه !! وكان شكل يحيى قمر فى البدلة الجديدة التى جعلته مثل الرجل الصغير !! واهتممت جدا بمظهرى وأخذت وقت طويل فى الاستعداد وخرجت لعمر ..........

-(اوووووه ماشاء الله .......الآنسة مرتبطة ؟!!! )

-........... ...

-(طيب تسمح الآنسة القمر دى أنى أعاكسها وأديها هدية تليق بالشياكة دى كلها ؟ )

وأخرج من جيبة علبة قطيفة بها اسورة رااائعة وألبسها لى وهو يقول (ربنا يقدرنى وأعوضك كل حاجة يا غالية .....)






الحلقة ( 8 )



لا أصدق ان مر على ولادة يحيى 9 أشهر.. وكأني كنت أحمله داخل رحمي بالأمس أصبح انسان آخر.. زاد وزنه وأصبح شديد الشبه بى وفى خده غمازة تظهر بشدة عندما يضحك.. بدأ يحبو على الأرض ويضحك بشدة عندما ألاعبه وعندما أجرى وراءه يحبو بأقصى سرعته ليختبأ تحت الكنبة ويتخيل اني لا أراه !! ومتعلق بى بشكل لا يوصف وعندما يجد أي شىء ملقى على الأرض لا يتردد أن يتذوقه أولا وان لم يعجبه يعطيه لي بنفس راضية.. مما جعلني طوال اليوم لا همّ لى الا أن أجعل الارض لا شىء عليها على الاطلاق لأنه لا يفرق بين المسامير والحلوى.. كله الى فمه.. وجعلني لا أهدأ طوال اليوم من التفتيش تحت اى كرسي يحلو له ان يختبىء تحته عن اى شىء ملقى ولو قطعة كلينكس خوفا من أن يبتلعها

مرحلة خطيرة جدا مرحلة الحبو دي.. ربنا يستر وتعدي على خير من غير ما عمر يطلقني.. لأنه لو وجد أي شىء ولو بنسة شعر سقطت مني تحول الى خناقة كبيرة خوفا على حياة الباشا



ياااه على الروتين والشغل اللي ما بيرحمش.. انا بجد تعبت خلاص.. نفسي آخد أجازة وأروح فى مكان فااااضى لا أرى أى أحد على الاطلاق

قدمت على اجازة أسبوع وبالعافية رضيوا على 4 أيام فقط منهم الجمعة والسبت طبعا.. بس مش مهم.. المهم اني اتخنقت وعاوز تغيير حالا

سارة كمان مطحونة بين شغلها وبين يحيى اللى أصبح عفريت وعاوز حارس عليه 24 ساعة كى لا يبتلع سم فيران مثلا

كلمت صديق قديم لي يمتلك شالية منعزل على شاطىء البحر الأحمر بعييييييد عن كل العالم.. الظاهر انهم بنوه علشان يقتلوا فيه حد وبعدين غيروا رأيهم.. الشاليه يجنن يبعد عن أى مبانى حوالى 30 كيلو.. وهو ده اللى انا عاوزه بالظبط




اهلا اهلا بالاستاذ يحيى أخبار مغامرات سعادتك ايه النهاردة؟

قالها عمر وهو يحتضن يحيى الذى هلل لرؤيته وأخذ يقفز بين ذراعيه

قلت له: أسكت يا عمر ده جننني النهاردة طول النهار مستخبي وبأدور عليه يا امّا تحت السفرة يااما جوه دولاب المطبخ بيلعب فى الحلل.. انت أكيد كنت جن زيه كده وانت صغير وهو طالع لك

ضحك بقوة وأجاب: ايوة كده خليه راجل أمّال عاوزاه بنوتة؟ اما أنا محضر لك حتة مفاجأة تحفة

قفزت من الفرح وانا أسمع وأمسكته من رقبته: مفاجأة؟ ايه يالا قول بسرررعة احسن مش ح يحصل لك طيب

قال لي مبتسماً: ياساتر يارب.. هو ده الرد؟ على العموم انا ح أقول ليحيى مش ليكى.. بص ياكابتن انا عارف انك ما شفتش بحر قبل كده علشان كده يالاّ روح هات المايوة بتاعك علشان ح نروح شالية يجنن انا وانت بس وح نسيب ماما المفترية دي هنا

وكأن يحيى فهم الكلام.. انه مطلوب منه شىء فأخذ يحبو بسرعة وذهب يحضر الدبدوب المفضل عنده واعطاه لأبيه وظهرت علامات الحيرة على وجهه عندما غرقنا في الضحك من تصرفه وكأنه يقول فى سره: العالم دي مجانين ولا ايه النظام؟

سألت عمر: شاليه ايه يا عمر؟ ايه ده صاحبك وافق؟ الشالية بتاع البحر الاحمر؟

رد فى نشوة: ايوة يا سارة 3 ايام ما نشوفش ولا مخلوق السماء والبحر والهدوووووووء

فتحرك القلق داخلى لا اعرف له سببا وقلت له: هي طبعا حاجة مغرية جدا بس مش يمكن نحتاج حاجة ولا تحصل مشكلة هناك؟

فرد بتبرم: انتي على طول متشائمة كده يا بنتي؟ ح يحصل ايه يعني؟ العفاريت ح ياكلونا؟ الشاليه مجهز بكل حاجة وحناخد كل أكلنا معانا ح يحصل إيه يعني؟ يالاّ حضري كل لوازمنا علشان نلحق نوصل.. الطريق طويل


وأخييييرا وصلنا مع أول خيوط للفجر

المكان منعزل عن العالم ولكنه ساحر.. شاليه رائع من طابقين مبنى على الطراز الانجليزى وتحيطه حديقة صغيرة ومطل على البحر الذى لم أرى فى صفاء مياهه من قبل ودرجاته الفيروزية والزرقاء التى تجعلك تسبح لله كل لحظة من فرط روعته.. وفي الداخل وجدناه مؤسس بذوق راقى وبسيط يجعلك تشعر بالراحة من اول لحظة.. ونسمات البحر الرائعة تغسل عنا تعب العمل وارهاقه وتوقظ المشاعر التى خنقتها الروتين والرتابة

افرغت الحقائب بسرعة وصلينا الفجر انا وعمر ولم نستطع النوم فتسللنا وتركنا يحيى نائما وجلسنا على الرمال الناعمة نراقب الشروق وأشعة الشمس الوليدة التى تعانق الامواج على استحياء وكأنها عروس خجلى


نظر لي عمر نظرة لم أرها من شهور من فرط انشغالنا فى العمل والمسئوليات.. وقال لي

بحبك

ياسلام لو الواحد يعيش كده طول عمره.. يااه أعصابي رايقة جدا وسارة في قمة السعادة وهى تحاول أن تبلل أرجل يحيى فى مياة البحر وهو خائف وينظر لهذا الشىء الخرافى الذى يراه لأول مرة وكأنه يقول: البتاع ده ما شفتوش فى البيت عندنا قبل كده.. ثم بعد فترة تعجبه اللعبة ويحرك يديه وقدميه بكل قوة حتى يغرق أمه وهي تهدده بالإنتقام


مرت علينا أمسية هادئة ونحن ننعم بالهدوء والصفاء ولم يكدرني سوى اني لاحظت ان يحيى يرفض الطعام منذ عدة ساعات.. وبعد فترة وجدته يصرخ ويبكى بلا انقطاع.. حاول عمر طمأنتي انه من تغيير الجو.. حاولت تصديق هذا وأعطيته دواء للمغص ولكنه لم يستقر فى معدته لدقائق وتقيئه بشكل أفزعني.. ولم تمضي الا ساعة ووجدت لديه اسهال رهيب والقىء لا ينقطع وحرارته مرتفعة جدا.. صرخت على عمر الذى ارتبك ولم يدرى ماذا يفعل
مرض يحيى من قبل عدة مرات.. ولكنه أبدا لم يكن بمثل هذه الشدة.. نظرت اليه وهو تقريبا مغشى عليه من فرط السوائل التى فقدها بشكل مفاجىء.. ارتجفت ولم تحملني قدماي وبكى عمر وهو يرتدي ملابسه بسرعة لنذهب لأقرب طبيب.. ولكن أين الطبيب فى هذا المكان المنعزل وفى هذا الوقت من السنة والذى لم يبدأ فيه موسم التصييف بعد فجميع القرى السياحية – البعيدة جدا – أيضا خاوية
*******


جرينا على السيارة وسارة تحمل يحيى وهو تقريبا فاقد الوعى وفى شدة الذبول وأنا لا أعرف الى أين أذهب؟ ودموع سارة لا تتوقف وهي تردد كلمة واحدة بمنتهى الوعيد: انت السبب انا قلت لك بلاش المكان المقطوع ده.. لو حصل حاجة لابنى مش ح اسامحك أبداً

وكأنه ليس ابنى انا الآخر.. فعلا الانثى فى الاصل أم ثم زوجة
مرت نحو ساعة ونصف وأنا أسير بلا هدى ولا أجد بشائر لأي مستشفى او حتى عيادة وانا أصرخ داعيا الله ان يغيثنا.. وكل لحظة يحيى يزداد ذبولا وشحوبا.. وسارة يكاد قلبها يتوقف من فرط البكاء والدعاء.. حتى أخيرا وجدنا نقطة اسعاف على الطريق العام ويبدو انها مهجورة فجرينا عليها فلم نجد الا حجرة واحدة للكشف يبدو ان لم يدخلها مريض من اعوام ووجدنا ممرض نصف نائم قابلنا ببرود شديد.. صرخنا به سائلين عن الطبيب فأخبرنا بلا مبالاة أنه ليس موجود


لأول مرة فى حياتي أرى سارة الوديعة تتحول الى نمرة شرسة مستعدة للقتل فى أي لحظة وصوتها يصل الى عنان السماء وهى تصرخ فى الممرض بشراسة: لو في ظرف 5 دقايق ما جبتش الدكتور حالا اقسم بالله العظيم لأقتلك بايدي وادفنك في الحتة المقطوعة دي

ويبدو ان الرجل ارتعب من غضبها الهائل وفر كالريح يوقظ الطبيب من سكن الاطباء.. وجاء لنجده طبيب صغير السن حديث التعيين.. لا اعرف كيف يضعون طبيب قليل التجربة فى مكان وحده لا يجد من يعلمه ويكون مسئول بمفرده عن كل شىء


بدأ الطبيب في الكشف على يحيى وتعابير وجهه غير مطمئنة وبعد قليل أخبرنا أن الحالة محتمل ان تكون تسمم من ابتلاعه شىء فاسد أدت الى حالة القىء والاسهال الشديدين والاهم الآن هو انقاذه من حالة الجفاف الخطيرة

هبط علينا كلامه كالصاعقة وأحسست برعب لم أشعر به فى حياتي.. توقف عقلي عن العمل وتوقفت الحياة عن دورانها حتى البكاء لا اقدر عليه.. أنظر اليه وهو فاقد الوعي وشاحب شحوب الموتى.. أكيد ابتلع شىء من الشالية او البحر فى غفلة مني.. بماذا تشعر الأم اذا مات ولدها؟.. يارب

لم أستطع الحفاظ على نعمتك فسامحني واحفظها لي برحمتك وسلطانك.. يارب يارب


انطلقت بأقصى سرعة الى الصيدلية للمرة الألف لاحضار المحاليل والادوية التى يطلبها الطبيب كل ساعة.. يحيى يزداد ذبولا ولا يستعيد وعيه من شدة الجفاف منذ 5 ساعات وسارة لا تفارقه وكل المحاليل تخترق أوردته بلا فائدة.. يارب لا أعرف كيف أدعوك فى هذه المحنة قد أكون ارتكبت العديد من الذنوب ولا أستحق غفرانك.. ولكن ارحم هذا الملاك من أجل أمه التى تفقد الحياة كل دقيقة جواره.. ارحمه من أجلي فهو نبض قلبي وثمرة عمري ظهرت أنوار نقطة الاسعاف أمامي.. وقبل أن أصل وجدت رجل عجوز مسكين ينام على جانب الطريق.. لا أعرف من أين جاءني هذا الخاطر فأوقفت السيارة وانا فى أمس الحاجة لكل دقيقة.. نزلت وأعطيته كل المال الذى فى جيبي بدون أن أبقى معى شىء وبلا تفكير.. تذكرت: داووا مرضاكم بالصدقة.. لعل الله ينقذ بها ابني الوحيد.. يارب يارب اقتربت وانا أخشى أن أرى وجوهاً باكية في انتظاري.. ولكني وجدت سارة تهرول فى اتجاهي وصوتها مختلط بين البكاء وعدم التصديق وهي تهتف

يحيى فاق يا عمر






الحلقة ( 9 )

تحول كل بيتنا الى فوضى منذ أن أصبح يحيى يمشى ....أصبح لا يوجد مقعد فى مكانه ولا مفرش فوق ترابيزة لا سمح الله !! وطبعا أى ورود أو تحف صغيرة أصبح من المستحيل بقائها مكانها وأصبح مكانها الوحيد فوق الدولاب كى أنقذها من التحطيم المستمر!! .....لا أعرف لماذا يحب الاطفال استكشاف كل شىء حتى لو رأوه مائة مرة ؟

أتعجب عندما أرى يحيى ماشيا فى أمان الله وفجأة يثبت نظره فى اتجاه شىء معين وهنا تصفر صفارات الانذار فى رأسى من أنى فى ثوانى سأسمع صوت تحطيم او دمار .....ثم أجده متجها بمشيته التى تشبه مشية البطة الى هدفه كالصاروخ ويكون غالبا كوب أو برواز صورة أو أى شىء .....


وهنا أقفز مثل لاعبى السيرك لأنقذ الهدف المسكين من مصيره المحتوم وان نجحت تبدأ مرحلة من الصراخ من يحيى احتجاجا على هذا الظلم البائن !!كنت فى البداية أرق لبكائه وأتراجع عن موقفى كى يكف عن البكاء .......ولكنى وجدت انه فى غاية الخبث علم ان البكاء يخيفنى فاستخدمه كسلاح ....أى شىء يريده بفتح السارينة !!

ولكنى انتبهت لهذا السلاح الجديد وأصبحت لا أهتم لصراخه ...حتى عرف بعد فترة انه لا جدوى معى من البكاء فأصبح ينصرف عنى وكأنه يتمتم
(حسبى الله ونعم الوكيل !!).......

أصبح يحيى هو صديقى الوحيد والوجة الوحيد الذى أراه يبتسم فى وجهى منذ أن زارنا الحزن وأقام لدينا منذ شهرين ........من يوم مات والد عمر ونحن نسكن مع الحزن فى كل لحظة .......أخاف على عمر من شدة حزنه على أبيه ......أراه شاردا حزينا ....أستيقظ فلا أجده بجوازى وأجده يصلى وحيدا وهو يبكى لله ويسأله الصبر على الفراق ............أحاول بكل طاقتى ان أخرجه مما هو فيه بلا جدوى ......يارب خفف عنه وعنا ...........

(لا يعلم جنود ربك الا هو .....)
الموت من جنود الله التى تدفعنا دفعا الى الخوف من الوقوف بين يدى الله .......لا أعرف كيف اختطف الموت أبى لأتحول فجأة من رجل الى طفل صغير فقد يد أبيه فى الزحام فوقف يبكى ولا يشعر بزحام الدنيا من حوله ......فقط ينتظر وجه أبيه ليعيد له الأمان ......رحمك الله ياابى كم أتعبتك فى طفولتى ....وكم عاندتك فى مراهقتى .......وكم جادلتك فى شبابى ........أندم على كل يوم لم أقبل به يديك ........


وتبقى مشكلة أمى .....أنا ابنها الوحيد الرجل وأخواتى البنات متزوجات وفى بلاد بعيدة مع أزواجهن .......وأمى فى حال يرثى لها منذ وفاة أبى ....وأنا يوميا أزورها بعد عملى وهى تعيش فى أحزانها وتهمل حتى صحتها .......خوفى عليها يزداد ولكن ماذا أفعل ؟


حياتنا انقلبت منذ وفاة والد عمر أصبحت لا أرى عمر الا نادرا ....أصبح يخرج من عمله يذهب الى حماتى ليقضى معها بقية الليل وأحيانا يبات هناك معها ......وأنا أزورها ثلاث أو أربع مرات فى الأسبوع .....أعد طعام الغداء وأصطحب يحيى وأذهب لها وننتظر عمر ليأتى ونقضى بقية اليوم معها ......أشفق عليها من أحزانها .......لا أعرف كيف تشعر المرأة لو فقدت شريك حياتها وحبيبها ورجلها الوحيد بعد عشرة أكثر من ثلاثين عاما ؟؟؟


وقد تحول حزنها الى عصبية شديدة لو غاب عنها عمر يوما تظل تبكى وتتهمه بأنه لا يحبها ويفضل بيته وزوجته (اللى هى أنا !) عنها ......ولو لم أحضر لها يحيى لتراه انصبت فوق رأسى كل صراخ الدنيا .....ازدادت أعصابى توترا وأصبحت تقريبا لا أنام وبيتى فقد الاستقرار ولا أرى زوجى ......ولا أستطيع ان انطق بكلمة ....بل على طول الوقت أن احتمل أعصاب عمر المنهارة وغضب حماتى طوال الوقت .......... -
-
-
-


زارتنى ماما ورأتنى وانا ذابلة مجهدة وقصصت عليها ما أنا فيه ....فردت على :

-معلش ياسارة استحملى ...جوزك معذور ده برضه والده

-انا عارفة ياماما والله ونفسى أخرجه من اللى هو فيه ......ومستحملة عصبيته واكتئابه ......بس حاسة انى عايشة فى دوامة يادوب اصحى الصبح علشان اشتغل وأجهز الأكل وأشيله وآخد يحيى وأروح لحماتى ونقضى بقية اليوم عندها وطول الوقت بأستحمل كلام فى منتهى الغلاسة وكأنها عاوزة تقول لى ( انا جوزى مات وانتى كمان واخدة ابنى ؟ ) بجد ياماما تعبت ومش عارفة اعمل ايه ؟

-معلش اهم يومين ويعدوا ياسارة خليكى انتى بنت الاصول اللى تقف جنب جوزها وامه فى الظروف دى ......يعنى لو كنت انتى مكانه مش كان ح يعمل كده ؟


-مش باين ياماما انهم يومين ......احنا بقالنا شهرين على الحال ده وعمر مش عاوز يسيبها لوحدها أبدا وبصراحة عنده حق بس انا تعبت أعمل ايه ؟

- فسكتت ماما للحظات وكأنها تفكر فى أمر عميق وأجابتنى : بصى ياسارة خلينا واقعيين انا رأيى انك تقولى لعمر يجيب والدته تقعد معاكى هنا ..........


- فانتفضت كالملسوعة : ايه تعيش معايا هنا ؟ انتى بتقولى ايه ياماما ؟ هو انتى مش عارفة طبعها وازاى بتعاملنى ؟ حرام عليكى !!

- بصى ياسارة خليكى عاقلة .....مش معقول ح تفضلوا على الحال ده ومش ممكن ح تقولى له ارمى أمك .....علشان ربنا يبارك لك فى يحيى .....وبعدين خليها تيجى منك أحسن لأن ده ان آجلا أو عاجلا ح يحصل وهو اللى ح يطلب منك انها تعيش معاكم لأنه ابنها الوحيد الرجل ......يعنى هاتيها منك واعرضى عليه انتى واحتسبيها عند ربنا ........


- فسالت دموعى وانا أرى أن كلام أمى منطقى جدا ولا مفر منه : بس ياماما كده ح نبقى طول اليوم فى حرب ......وأكيد ح تحصل مشاكل .......أعمل ايه ؟


- والله اتكلى على الله ومادمتى بتعملى كده علشان ترضى ربنا وتريحى جوزك يبقى أكيد عمر ربنا ما ح يسيبك ابدا ان شاء الله

-
-
-
-


-صليت استخارة ودعوت الله وقلبى يمتلأ بالخوف من حياتى التى ستقلب رأسا على عقب .........وبكيت بين يدى الله وأنا أسأله العون .......واقتربت من عمر وهو جالس وحده فى الصالون شارد النظرات ......وهمست له .......

- مش تروق كده يا حبيبى .....ده انت تعرف ربنا وربنا يرحمه ان شاء الله..........


- ونعم بالله ياسارة وهو ح يفضل غالى على طول ............ بس كل ما افتكر والدتى انها لوحدها فى الشقة وانها ممكن يحصل لها حاجة من غير ما اكون معاها بأتجنن ....نفسى أكون معاها على طول علشان بالى يرتاح ........


- فهمست فى سرى (والله عند حق ياماما خليها تيجى منى أحسن !!) ورددت عليه :

ربنا يخليهالك يارب .......طيب أنا عندى اقتراح علشان تطمن عليها ايه رأيك تيجى تعيش معانا هنا وانا أحطها جوة عينى .........ايه رأيك ؟


-فصرخ فرحا ورأيت ابتسامته التى لم أرها من شهور وهو غير مصدق وقال لى : ايه بتقولى ايه ؟ انتى بتتكلمى بجد ياسارة ؟ انا كان نفسى أعرض عليكى الموضوع ده بس كنت متردد ...........


-فبلعت توترى وابتسمت له وقلت ليه بتقول كده يا عمر هو احنا يعنى ح نرمى أهالينا ؟ ربنا يخليهالك ويقدرنى على خدمتها ........

-فاحتضننى فى قوة وهو يقول لى : بجد مش عارف أقول لك ايه ياسارة انتى فعلا بنت أصول .......انا عارف ان ماما متعبة شوية ....بس صدقينى انا شاء الله مش ح تضايقك خاااالص ............ .وتركنى وانطلق الى التليفون يزف البشرى لوالدته ....


-وأنا أردد وانا أكاد أبكى : خالص خالص خاااااااااااااااااااااااااااااااااالص !!!!!!!!!!!!






الحلقة ( 10 )


( انا اللى جبت ده كله لنفسي )اقول هذه الكلمة لنفسي كل يوم وكل دقيقة من السيرك اللي عايشة فيه من ساعة ما حماتي المصونة شرفتنا بالانتقال الى الحياة معنا.. الله يسامحك ياماما.. انتي اللي اقترحتي الاقتراح الرائع ده

حياتي انقلبت بزاوية 180 درجة.. لم أكن اتخيل ان كل هذا سيحدث فى شهر واحد.. البنت بتتجوّز علشان يكون لها بيت مستقل تكون هي ملكته تفعل به ما تريد.. وقت ما تحب.. تطبخ ما تشاء.. تضرب عن الاعمال المنزلية وتؤجلها ليوم آخر وقت ما يحلو لها

افتقدت كل هذا دفعة واحدة.. أحسست اني ضيفة فى بيتي.. وياريت كمان ضيفة دي حتى الضيفة بتُخدَم وتكرّم.. اما انا تحولت الى أسيرة ومراقبة 24 ساعة من حماتي.. طول النهار تراقب تحركاتي.. وتنتقدتني فى كل حاجة


تراقب تطور حلة المحشي من اول ما اغسل الأرز الى آخر محطة وكل لحظة تتحفني بعبارات من نوعية: واضح انك لسه بتتعلمي ياسارة.. لا لا لا ده مش محشي ده يخني.. عمر ما بيحبش المحشي الا من ايدي انا

ولا تفكر حتى ان تساعدني في اي شىء.. وانا لا أرد على أي كلمة وأحاول ان ابتسم حتى تصلبت شفايفي فى وضع ابتسامة مسلوقة لا معنى لها.. بس علشان ما أطقّش وأموت


ياسلاااااااااااااام.. ربنا يخليكي ليّ ياسارة ياحبيبتي حلت لي كل مشاكلي مرة واحدة بقيت مطمّن على ماما كل ساعة.. وسارة كمان شايلاها جوة عينيها

انا كنت فاكر اني كل يوم ح الاقي خناقات لرب السما.. لكن الحمد لله الدنيا هادية وجميلة والاتنين زى السمنة على العسل

بصراحة مش أي واحدة تستحمل ماما.. انا عارف انها صعبة وبتحب تتدخل فى كل حاجة بس ح اعمل ايه يعني؟ ربنا يخليها لي يارب.. ويخليلي سارة وتفضل بعقلها الراسي كده على طول




انا خلاااااااااص معدش فيّ ريحة العقل !!! قربت اتجنن وأسيب البيت

كل حاجة في الدنيا حماتي مدخّلة نفسها فيها.. حتى تربيتي ليحيى كل حاجة غلط فى غلط.. لو أكّلته جزر يبقى لااااااااا البطاطس أفيد كتير.. ولو اكل شيكولاتة يبقى سنانه ح تقع.. ولو حرمته منها يبقى انا أم مفترية


بجد مش عارفة اعمل ايه ولا أملك الا الطاعة لكل كلامها ولو جادلتها ندخل فى جدال يستمر لساعات فأسمع كلامها وانا أموت من الغيظ

والمشكلة الأكبر كمان هي فى وجود عمر.. بتستأثر بيه وكأنه زوجها هي.. تقعد تتكلم معاه بالساعات وتطلب مني أعملهم فنجانين قهوة علشان القعدة تحلو.. ولو بعد الشر قعدت اتكلم معاه على انفراد فى أي موضوع لازم تعرف بنتكلم في ايه والا تزعل وتتقمص والود ودها انها تنام معانا في نفس الاوضة

بجد انا تعبت خلاص ولازم الوضع يتغيّر.. لازم اطلب من عمر انها ترجع شقتها ونرجع نزورها زي الأول

بس ازاى اقدر أطلب منه كده؟


اكيد الدنيا ح تولع ويبقى شكلي اني بأطرد أمه.. لا لا ما ينفعش الحل ده.. انا عارفة الدين والأصول وكمان لو عمر عمل كده فى أمي أكيد ح أقتله

انا عارفة اني مهما عملت لا يمكن تحبني زي بنتها.. دي الطبيعة البشرية انا برضه مش ح احب زوجة يحيى ابني.. يعني بعد ما اتعب وأربي تاخده راجل على الجاهز؟ طيب يبقى انا أشيل فكرة انها تحبني من دماغي واحاول اتقبل الوضع وأحسنه وخلاص

دخل عمر عليّ وأنا غارقة فى التفكير وضاربة بوز.. وقال:
ايه يا سارة بتفكري في ايه ده كله؟

رديت: ولاحاجة ياعمر بس تعبانة شوية

سألني: من ايه يا حبيبتي.. مش ماما بتساعدك فى تربية يحيى؟

ياخرااااااابي.. بتساعدني؟

طبعا قلتها فى سري.. ورديت عليه وانا مفروسة: طبعا طبعا ربنا يخليهالنا

فرد عليّ بحنان: والله انا حاسس بيكي ياحبيبتي وعارف ان ماما صعبة شوية.. بس اعمل ايه انا ابنها الراجل الوحيد.. أرميها يعني؟

سالت دموعي رغما عني وقلت له: ياعمر انا لا يمكن اقول كده وانا اللي طلبت منك انها تيجي هنا.. بس بجد انا حاسة اني بقيت ضيفة في البيت مش صاحبته.. بانفذ كل كلامها وبتنتقد كل حاجة باعملها فى البيت ومحسساني طول الوقت اني مش بافهم فى أي حاجة.. بجد تعبت.. اعمل ايه؟

أخذ وقتا طويلا قبل ان يرد وجاء صوته مليئا بالحيرة:
بصي ياسارة.. انا عارف ان عندك حق.. بس حطّي نفسك مكانها.. دي ست فقدت عشرة عمرها كله ولقت نفسها وحيدة وكمان سابت بيتها فبتعتبرني انا رجلها الوحيد فى الدنيا ومتخيلة انك انتي اللي واخداني منها.. فنفسيا كده بتغير منك ومن حبي ليكي وبتحاول تحسسك انها أحسن منك فى كل حاجة.. معلش لازم نراعي تفكيرها ده.. حاولى تصاحبيها وتخليها تشيل فكرة الغيرة دى من دماغها

رديت بفراغ صبر: والله حاولت مفيش فايدة

رد بعصبية مفاجئة: بصى ياسارة انا مش ح اتكلم في الموضوع ده تاني.. انا لايمكن أغضبها أبدا علشان خاطرك.. ولو اخترت بين بيتى وبين رضاها ح اختارها هيّ.. واعرفي اني لو ما عملتش ده وأغضبتها علشانك.. ابنك يحيى ح يعمل فيكي كده و حيرميكي علشان مراته.. الديّان لايموت.. ومش ح اتكلم فى الموضوع ده تاني.. تصبحي على خير


البحر من خلفي وحماتي من أمامي

عمر فجّر القنبلة في وشي وسابني اواجه المشكلة لوحدي.. يعنى كان ح يحصل ايه لو كلم والدته ووصّاها عليّ شوية؟ خلاص الدنيا ح تولع؟

طيب أعمل ايه يارب؟ انا بجد تعبانة ومش عارفة ارتاح ولا دقيقة لا من حماتي ولا من يحيى.. بيطلب كل دقيقة طلب لما خلاص جنّني.. باحس انه فاضي وبيتسلى.. فاضي وبيتسلى؟

فاضي....... ايه ده؟ معقووووووول؟


معقول يا سي يحيى انت اللي ح تحل لي الحدوتة العويصة دي؟ قمت من مكاني وأحضرت له مكعبات أحضرها له والدى وأبعدتها عنه حتى يكبر ويستطيع اللعب بها.. وأول ما رآها هجم عليها يبعثرها من مكانها وجلست معه أريه كيف يركبها.. وماهي الا دقائق حتى استغرق باللعب بها وان لم يستطع تركيبها ولكنه أخذ يلعب بها ويكتشفها والأهم انه بعد عني ولم يطلب أي طلبات أخرى

طيب ما هي حماتي نفس الحكاية بالظبط.. حياتها فارغة جدا وخاصة بعد موت والد عمر.. وأنا من أقوم بكل الأعمال المنزلية ولا أحاول أن أتعبها في شيء.. فلا يبقى لها الا أنا والتفرغ التام لانتقادي.. طيب ما انا لو رحت ضيفة عند أي أسرة وكنت لا أفعل أي شىء طوال 24 ساعة الطبيعي جدا اني سأتفرغ لمراقبتهم.. لبسوا ايه؟ عملوا ايه؟

خلاص يبقى الحل الوحيد انى أشغِلها طول اليوم.. خلاص ح أجيب لحماتي مكعبات

انا كمان من ناحيتي لازم أقلل احساسي انها غازية لبيتي واني خلاص مش عارفة ارتاح طول ما هي موجودة.. بصراحة في وجودها مريحاني من يحيى في أوقات كتير وخصوصا وانا باشتغل الصبح على الكومبيوتر.. وكمان فيه حاجة مهمة.. ان في وجودها عمر مش بيتخانق معايا خالص حتى لو لقى البيت بيتحرق.. ودى حاجة جمييييييلة جداااااا


انا ح أحاول أحسسها اني باحبها علشان هي كمان تحاول تحبني.. مش كفاية انها ادتني عمر حبيبي علشان استحملها؟ ومش بس استحملها.. لا.. أحاول احبها؟


بصراحة سارة عندها حق في شكوتها من ماما.. بس كان لازم أوقف الموضوع بحزم علشان مايكبرش ويتحول لخناقة.. وانا حاولت قبل ما هي تشتكي ومن غير ما تعرف اني ألفت نظر ماما انها تخف شوية على سارة.. بس طبعا من بعيد لبعيد علشان ماأزعلهاش.. زي اللي بيوصف لواحد ازاي يروح اسكندرية عن طريق أسوان

والله انا نفسى أرضي الطرفين بس مش عارف ازاي؟ لا.. ورد فعل ماما كان غريب جدا.. نظرت لي نظرة طويييييييلة وسابتني ومشيت



بدأت خطوات الخطة الجهنمية اللولبية في شغل فراغ حماتي وكمان تهدئة نفسيتها الثائرة داااائما

أول حاجة اني دعوتها اننا نصلي جماعة انا وهي كل الفروض بعد ما كانت بتصلي وحدها.. في الأول اعترضت كالمعتاد بحجة انها لا تقدر على الوقوف الطويل فأحضرت لها كرسي صغير تصلي عليه.. وبدأت أوقظها لصلاة الفجر بعد أن كنت أتركها تنام.. وسبحان الله بعد عدة أيام من صلاتنا معا أنا وهى لانت معاملتها لي بعض الشيء.. وجعلنا لنا وردا يوميا من القرآن.. كيف يجمعنا الله خمس مرات يوميا ويفرقنا الشيطان؟


وتشجعت اني طلبت منها أن نذهب أنا وهي يوميا درس لتعليم التجويد فى المسجد المجاور بعد صلاة العصر.. وكنت أتوقع كلمتين فى العظم ورفض دون أسباب.. ولكن لدهشتي وجدتها وافقت بسهولة ووجدتها فرصة لتعلم شيء جديد والخروج أيضا.. وسبحان الله وجدتها عندما تقربت لله أكثر وشغلت وقتها أكثر.. أحبتني قليلا وتغيرت معاملتها لي فى أشياء كثيرة.. بل وبعد عدة أسابيع من انتظامنا فى درس التجويد يوميا.. وجدتها تدعو لي لأول مرة في حياتها

ولأول مرة اكتشفت الجانب الطيب فيها الذي كان مختبيء وراء عصبيتها وانتقادها لكل الناس.. وتحسنت علاقتي بها كثيرا.. لن أقول انها أصبحت مثل علاقة الام بابنتها ولكن على الأقل الجانب العدائي بيننا قل كثيرا وأصبحت أفتح لها قلبي وأحكي لها عن عملي بعد أن كان كل كلامنا عبارة عن قذاف نارية


بل وتهورت مرة واشتكيت لها من عصبية عمر فى موقف معين وظلمه لي.. حقيقة لم تقف ضد حبيب قلبها بالطبع كما كنت أطمع.. ولكن على الأقل لم تهاجمني زى زمان بأني متجوزة سيد الناس كلها.. ولكنها طيبت خاطري بكلمتين وهذا يكفيني


والله لو علمت كل امرأة على الأرض انها عندما ترضى أهل زوجها وبالأخص والديه أن حبها في قلبه سيتضاعف لانتهت كل مشاكل الكون

كل وقوف سارة بجواري وحنانها معي وعشرتها الطيبة وحبها لي كوم.. ورعايتها لأمي واهتمامها بها ومحاولة تغييرها واتقاءها الله فيها كووووم تاني

حب سارة فى قلبي تضاعف واحترامي لها أصبح لايوصف.. لابد أن أكافيء هذا الملاك الصابر.. نزلت اشتريت لها حلقا صغيرا ماسيا على شكل قلبين صغيرين.. وجريييييييييت على حبيبتي

وجدتها فى انتظاري جميلة كالمعتاد وحدها دون ماما ويحيى باشا.. وهتفت: وحشتيني ياحبيبتي.. ماما ويحيى فين؟



رديت على عمر وقلت: وانت كمان وحشتنى ياحبيبى.. طنط ياسيدي عرّفتها على الحاجة فوزية اللي في الدور الخامس من كام يوم.. انت عارف هى كمان وحيدة بعد جواز ولادها.. واتصاحبوا على طول وبقت طنط بتاخد يحيى وبتطلعلها كل يوم تشرب معاها فنجان قهوة ويفتكروا أيام ما كان الرغيف ب 3 مليم

قال لي باسماً: قصدك ان ماما عجوزة.. صح؟ يامااااامااااا

فوضعت يدي على فمه قبل ان يفضحني وهتفت: بس ياعم.. انا ما صدقت انها ترضى عني شوية عاوز توقّع بنا ليه؟

فضحك وهو يقول: لا والله ده انا مش عارف أشكرك ازاي على معاملتك لماما بجد احترامي وحبي ليكي زاد.. انا جبت لك هدية يارب تعجبك

ففتحت العلبة ورأيت الحلق الرائع ولم أصدق انه ماس الا عندما أقسم لي عمر ولم أعرف ماذا أقول.. ولا كيف أشكره

ومن زماااااان سكتت شهرزاد عن الكلام المبااااااح





الحلقة ( 11 )

الكابتن يحيى اتم سنتين من عمره المديد ........أصبح شقى جدا وملامح شخصيته ظهرت ...ورث العصبية من عمر ومنى العند طبعا !!

أصبح يقلدنا جميعا فى الكلام وينطق الكثير من الكلمات بطريقته الكوميدية ...أجملها على الاطلاق كلمة
(ماما) ...يرشونى بها كى تذيب أى غضب داخلى من أى كارثة فعلها .......وما أكثر حوادثه وكوارثه التى لا تنقطع .....

وعلى رأسها معركة الطعام اليومية التى تجعلنى اتمنى ان أطعم حى شبرا بأكلمله ولا أطعمه طبقا واحدا!! يرفض الطعام بأغلب صوره ويتمنى ان يمتلأ العالم شيكولاتة وحلوى ولتذهب كل الأطعمة الى الصين .........

وعندما أتم العامين بدأنا الكارثة الحقيقية فى حياة كل أم وهى مأساة تعليمه استخدام الحمام وحده والاستغناء عن الحفاضات !! لا يمكن وصف العذاب الذى عشته لأسايبع طويلة ...أصبحت عصبية وتعبت من هذا الصراع ....لا أعرف كيف تحولت حياتى كلها الى وجبات طعام وحفاضات وصراخ ؟!

بعد ما سافرت أمى الى أختى فى السعودية لعمل عمرة وقضاء عدة أشهر معها ....خلا البيت منها بعد ما اعتدت وجودها......سبحان الله يظل الرجل طفلا يشتاق الى حضن امه مهما طال به العمر .......

العمل فى الشركة تتطور مراحله بشكل لا يوصف وتتوسع المشروعات به ..وترقيت فى منصبى تبعا لمجهودى رغم قصر المدة ....وأصبح مطلوب منى تدريب بعض المهندسين الجدد الذين يلحقوا للعمل فى الشركة وملازمتهم حتى يتقنوا العمل ....

عشت معهم لحظات التوتر الاولى والخوف من المجهول واهتزاز الثقة فى الموهبة الذى عشته قبلهم فى ايامى الاولى هنا.... منهم من يتخطى أشهر الاختبار ويثبت نجاحه ومنهم من تتعثر خطواته ويعود من حيث أتى !!

حتى جاءتنا فى يوم مهندسة شابة اسمها آية ...من أول لحظة شعر الجميع أن شخصيتها متفردة ....درست الهندسة فى الخارج رغم صغر سنها مما أعطى موهبتها ثقلا لا يستهان به ....

خطوطها حساسة وأفكارها متجددة ....ورغم هذا تتمتع بحياء المبتدئين ولا تتطاول على أحد ....جعلتنى فى أحيان كثيرة فى حيرة كيف أكون من يدربها وفى رأسها أفكار أنا شخصيا لا أعرفها من قبل !!

ولكنها كانت تنصت لأى ملاحظة منى حتى لو كانت تعرفها من قبل وتتظاهر بالتعلم مما أثار اعجاب الجميع بها لتواضعها ونبوغها فى سنها الصغير ........

الملل يحيط بى من كل جانب ..عملى على الكومبيوتر لا جديد به أبدا نفس الايميلات ونفس الكلمات ونفس الاشخاص ....حتى أكاد أن أقوم به وانا مغمضة العينين ولم يعد يستغرق من يومى سوى 3 او 4 ساعات وبقية اليوم فى نفس الروتين .....أحادث يحيى طوال اليوم حتى لا أحادث نفسى ......

عمر لا أراه سوى ساعتين فى اليوم بعد أن ترقى فى منصبه ....وبعد أن يعود لا يكون لديه رغبة فى أى كلام أو حديث ....يعود منهكا يلعب مع يحيى قليلا ويستمع لأحاديثى المكررة عن معاركى اليومية مع يحيى فى محاولة اطعامه أو ادخاله الحمام ...وطبعا ينام اول ما أبدأ كلامى !!!.........

شخصية آية تزداد تألقا كل يوم ...أصبحت محط انتباه الجميع فى أسابيع قليلة بموهبتها وشخصيتها الجذابة فى الحديث حتى ما تكاد تتحدث حتى تستحوذ على عقل محدثها من ثقافتها وادراكها للعديد من جوانب الحياة ...

حتى علمت منها انها تحضر ندوات ثقافية ومعارض تشكيلية .....وتأخذ دورات للغات فى الجامعة الامريكية .....لا أعلم من أين تأتى بالوقت لتفعل كل هذا ؟

وأكثر ما أثار اعجاب الجميع بها هو التزامها بدينها رغم دراستها بالخارج .....مما جعلنا نزداد احتراما واعجابا بها .......


عمر يحكى لى عن المهندسة الجديدة منذ أكثر من ساعة .....لم أره من قبل يتحدث عن أحد وتلمع عيونه بهذا الشكل .....كتمت غيرتى وبادلته الحديث وانا أراه يلصق بها كل الصفات الرائعة من التدين والثقافة وجاذبية الشخصية وأيضا الجمال !!

-انتى ما تتصوريش يا سارة البنت دى مميزة قد ايه ...قليل اوى لما الواحد يشوف بنت موهوبة فى الهندسة بالشكل ده ....

-ليه هو انتم مش عندكم مهندسات فى الشركة ؟

-لأ فيه طبعا ....بس أغلبهم بعيدين عن التصميم مش موهوبين زيها ....بيشتغلوا فى التنفيذ بس.......

-داريت غيظى وانا أقول له : أكيد مش بتقول انها دارسة هندسة برة ده شىء طبيعى انها تكون متميزة .....

-قال لى وعيونه تلمع : هى مميزة فى الهندسة بس يابنتى ؟ دى مثقفة بشكل كبير جدا مفيش حاجة فى الدنيا الا وعندها فكرة عنها ....سياسة فن ادب ....ما شاء الله بجد عليها....

-مممممممممممممممممم

-لم يلاحظ انى أريد غلق الموضوع وأكمل : لا وكمان متدينة بتراعى ربنا فى كل تصرفاتها .....وواضح كمان ان عيلتها م.....

-قاطعته لأغلق الموضوع قبل أن أنفجر وحاولت تصنع الابتسام وانا أحدثه : اسكت يا عمر النهاردة يحيى رمى ريموت التليفزيون من الشباك و....دخل المطبخ فتح ازازة الزيت وبهدل أرض المطبخ .....ولما جيت أجرى وراه قام..........

-تصبحى على خير ياسارة .......عندى شغل بدرى !!






الحلقة ( 12 )

الأيام الماضية عشت أسوأ أيام فى عمرى ....احساس لا يوصف بعدم الأمان ....عندما أرى زوجى وحبيب عمرى وكأنه ليس معى ....تائه فى عالم آخر .....أشعر به بغريزة الأنثى التى لا تخطىء .....وما يطمئنى قليلا انه متدين ولن يفعل شىء حرام .....لكن حتى المتدينين أكثر الناس زواجا على زوجاتهم !!

ولكن يبدو ان سحر هذه الفتاة أكبر من مقاومته .....وظروف وجودها معه لساعات طويلة رغما عنه يجعله يسحر بطريقة تفكيرها وجاذبيتها ....أنا أعلم زوجى جيدا لا ينجذب كثيرا لامرأة جميلة فارغة العقل ....ولكن ما أخشى عليه فعلا منه هى امرأة شديدة الذكاء والتميز .......هى فعلا القادرة على جعل حصونه تهتز .........

ولكن أين أنا ؟ ألست حبيبته كما يدعى ؟ كيف تشاركنى فى قلبه او حتى فى عقله امرأة أخرى .......هل لو رأيت أفضل رجل فى العالم سيشارك عمر فى قلبى ؟ لكن يبدو أن قلب الرجل مثل محطة القطار كل واحدة ممكن تركبه !!

انا خلاص قربت اتجنن عايش فى صراع رهيب .....طول الوقت حاسس انى بأعمل حاجة غلط ....مش عارف ايه اللى بيحصل ؟....عمرى ما اتشديت ولا أعجبت بواحدة بالشكل ده ....بجد تعبت من التفكير بأحاول انى أبعد عنها كل الطرق حتى انى حاولت انى أخلى واحد تانى يدربها مفيش فايدة اترفض طلبى .......بأحاول انى لا أنفرد معها فى مكان على الاطلاق ولا أحاول انى اكلمها فى اى شىء شخصى وكلامى معها رسمى جدا وفى حدود العمل فقط .......ولكن دون جدوى ...........

أشعر ان تفكيرى فيها لا يتوقف .فهى شخصية شديدة التميز والذكاء تجعلك لا تستطيع الا ان تملك عقلك وتفكيرك ....ولكنى أحب سارة فعلا ...ولكن عندما أقارنها بآية أجد فرقا كبيرا فى كل شىء !!

حاولت لوم نفسى بأن يحيى شغلنى عن عمر وحاولت التجديد فى شكلى وفى المنزل وكتمت غضبى وغيرتى وتجاهلت حديثه عنها وحاولت ارضاءه.......حاولت استعادة ليالى شهرزاد بلا فائدة !! عمر يضيع منى !!

حاولت التودد اليه وفتح مواضيع جديدة للحديث معه وتحاشيت الحديث عن معارك يحيى اليومية فكان يسمعنى بلا اهتمام وكأن عقله فى مكان آخر ........

حتى لو كانت هذه البنت متفوقة عنى فى كل شىء فلا يجوز حتى المقارنة بين شريك العمر وأى أحد آخر .....فالزوجة تحب الشعر الابيض الذى يغزو شعر زوجها بعد الزواج فهو دليل شاهد على عشرتهم الطويلة وأيامهم التى قضوها سويا ....هل اذا وجدت رجلا اكثر شبابا تترك زوجها لأجله ؟!!!

يارب ارفع هذه الفتنة وساعدنى وأعد الى زوجى وحبيبى !!

الشركة ستنظم حفلة بمناسبة حصولها على مناقصة عالمية ........وكل المهندسين وأسرهم سيحضرون فكرت فى الاعتذار ولكنى لم استطع ....والغريبة ان سارة وافقت على الفور وتحمست جدا للحضور معى .....ياترى شعرت بشىء ؟ لا أظن !!

ولكنى لا أريد ان تجتمع سارة وآية فى مكان واحد ..ربنا يستر !!


جاءتنى فرصة الحفلة لأرى غريمتى عن قرب ......أشعر ان الله سيأخذ لى حقى .......ولكنى عندما أراها سأحترق من الغيرة .....أخاف ان أقتلها والواد يحيى ما يلاقيش حد يربيه !!

اشتريت فستان سهرة قمة فى الاناقة وأرسلت يحيى الى ماما من قبل الحفلة بعدة ساعات كى اتجهز وأحاول ان أريح أعصابى ولا أظهر لعمر توترى ....ولأول مرة أخذت ساعات فى ارتداء ملابسى لأنى فى كل مرة لم أكن راضية عن مظهرى ....آآآه عندما يفقدك اعز الناس لك ثقتك فى نفسك !! من سيعطيها لك ؟!!

وعندما جاء موعد الحفلة و رآنى عمر بالفستان الجديد لم يغازلنى كعادته اذا ارتديت شيئا جديدا ولكن رد بسرعة ودون اهتمام (آه حلو اوى ...يالا علشان اتأخرنا !!!!)

وأخيييرا وصلنا الحفلة وكانت مقامة فى فندق أنيق والديكورات رائعة والموسيقى تريح الأعصاب والجميع فى أبهى صورهم ....لم نتبادل أنا وعمر الا كلمات قليلة طوال الطريق وكل منا غارق فى عالمه .......

وأخذت أدور ببصرى بحثا عن عدوتى اللدودة ولم أستغرق وقتا طويلا حتى عرفتها ....شابة جميلة جذابة المظهر وذات أناقة واضحة ولمسة مميزة فى مظهرها .....وكالعادة يجتمع حولها الكثير وتستأثر هى بالحديث ...وأكد لى ظنونى لمعة عيون زوجى عندما رآها وكلامه المفاجىء بعد صمت عن جمال الجو !!!!

اعقل كده ياسى عمر وما تخليش سارة تاخد بالها ....والله انا حاسس ان سارة حاسة باعجابى بآية .بس معقول ؟ دى كانت بتعاملنى كويس جدا الايام اللى فاتت ...يبقى أحسن حاجة انى اتعامل طبييييعى جدا ...يا ما شاء الله دى آية جاية بنفسها تسلم علينا .....انا بأقول أنفد بجلدى وأهرب من هنا على الهند !!........

-اهلا اهلا باشمهندس عمر ....عندك حق تخبى عننا المدام ...ما شاء الله زى القمر ..

-(انا اللى قمر برضه !! منك لله يا شيخة !!) -ورددت تحت أسنانى : الله يكرمك انتى اللى قمر يا باشمهندسة !!

-على فكرة الباشمهندس عمر كلمنا عنك انتى ويحيى كتير !!

-كمان؟!!! ما شاء الله بتكلموا فى حاجات غير الشغل؟- ورددت بكيد أنثوى ( أصل هو ما يقدرش يبعد عننا أبدا !!)

-اوباااااا دخلنا فى كيد الحريم لما أغير الموضوع أحسن ما نبات فى القصر العينى ....

وغير عمر الموضوع وأخذ يتكلم فى الرياضة والسياسة والست هانم ما شاء الله لا تكف عن الكلام لحظة فى أى موضوع ...ثقافتها وجاذبيتها لا توصف .....حتى لو سألتها عن سياسة موزمبيق الداخلية أكيد ح ترد !!.......أخذت أدعو الله كيف انتصر على هذه الفاتنة التى سحرت عقل زوجى وانا الى جواره ؟ وأخذت أتكلم معها حديثا عاديا حتى سألتها سؤال غير مجرى الاحداث تماما .........

-عمر بيقول لى انك متميزة جدا فى شغلك يا آية ..ماشاء الله ...ياترى فكرتى تستمرى فى الشغل بعد الجواز والاولاد ؟

-وكأنى ضغطت على جرح قديم فقطبت جبينها وقالت: والله الظاهر انى ح أفضل أشتغل على طول ومش ح أفكر فى الارتباط تانى !!

-وكأنى وجدت كنزا فلم أدع الخيط يفلت من يدى وقلت لها ( تانى ؟ انتى ارتبطى قبل كده ؟ معقولة ؟)

-فردت بمرارة قديمة تفاجأ لها سى عمر : ( الحقيقة انا تخطبت مرتين قبل كده وما حصلش نصيب بس الظاهر المشكلة فى أنا ..انا مش أحب أبدا سيطرة الرجل الشرقى على زوجته يمكن علشان عشت برة فترة لكن أول ما كانت تبدأ قائمة الاوامر والنواهى لسى السيد كنت أنهى العلاقة فورا ....فلا أتخيل أبدا الا أكون أنا صاحبة الرأى الأول والأخير فى حياتى !! علشان كده مش عاوزة أخوض تجربة الارتباط تانى !!)

- الله الله الله قولى كمان ياست !! – ولم أستطع أن أخفى سعادتى بخيبة أمل عمر لمعرفته جانب من شخصيتها تفاجأ له كثيرا .....ولكنى تظاهرت بالحزن لأجلها وانا أقول بخبث (بس الست بتلاقى سعادة كبيرة لما بتطيع زوجها وتحس انها بتتنازل علشان ترضيه وينجح فى حياته )

-فردت بملل كأنها تحادث انسانة من القرن الماضى ( لا أرجوكى بلاش الكلام الغريب ده اللى باسمعه من كل البنات هنا فى مصر ....أنا شخصيتى كده ومش ح أتغير .......)

-وطبعا انهيت الكلام معها بعد وعد أكيد أننا نكون أصدقاء للأبد !! وأخبرت عمر انى أريد أن أغادر الحفلة كى لا أتأخر عن يحيى ........وكان فى حالة غريبة من عدم التوازن ومراجعة نفسه والخجل معا !!

-وفى السيارة تحدث بلهجة المذنب الذى ينتظر الامساك به وقال لى وكأنه يدارى خيبة أمله (على فكرة انتى كنتى جميلة اوى النهاردة ياسارة ..ربنا يخليكى لى !! )

-فرددت بغضب لم يره منى من قبل (ياااه لسه فاكر ؟ طيب أنا عاوزاك فى كلمتين لما نروح يا عمر !!)






الحلقة ( 13 )

بدأ عمر بالكلام كى يدفعنى أن اتكلم حتى ينتهى ترقبه لما سأقول وقال ببراءة : ايه يا سارة مالك انتى من ساعة ما سبنا الحفلة وانتى مش طبيعية !! فيه حاجة مضايقاكى

فانفجر البركان داخلى وصرخت فيه لبروده : وكمان بتسأل ؟ لا ده انت بجد عاوز تموتنى !!

علا صوته هو الآخر لتخويفى : فيه ايه ياسارة ؟ انتى بتزعقى كده ليه ؟ انا ما اسمحش انك تكلمينى كده !!

فلم أهتم بالتهديد وواصلت بقوة لم أعرفها فى نفسى : شوف يا عمر ما تهددنيش انا على طول بأحترمك وأطيعك وأسمع كلامك .....لكن المرة دى انا اللى ح اتكلم وانت ح تسمعنى ...وانسى انك بتكلم مراتك الطيبة الهادية واسمعنى لحد ما اخلص كلامى خالص !!!!

ولأول مرة المح نظرة تشبه الخوف فى عيونه من حالتى الجنونية : وقال لى اهدى بس وبطلى زعيق فيه ايه ؟

فحاولت تمالك أعصابى وقلت له : شوف يا عمر احنا اتجوزنا بعض يمكن من غير قصة حب لكن ربنا أكرمنا وحبينا بعض والحب ده كبر مع عشرتنا وربنا رزقنا كمان بيحيى ورزقك شغل جديد والأهم من كده ان ربنا رزقنا طاعته وجمعنا فى حبه ....صح؟

فأجاب بملل : ايه يا سارة المقدمات دى كلها عاوزة تقولى ايه انا عاوز انام !!

فرددت بغيظ : تنام ؟! يا عمر انا بقالى أكتر من شهرين تقريبا مش بأنام ........من أول ما اعجابك بالست آية بدأ ........

فتحول وجهه لألوان الطيف عند القائى القنبلة : آية ؟ آية مين ؟ ايه يا بنتى التهريج ده انا أعجب بآية ؟

فرديت بزهق من انكاره : بص ياعمر الست عندها ردار رهيب بتقدر تعرف احساس جوزها رايح فين ويبقى غبى اللى يتجاهل الردار ده ولا يفتكر انها مش واخدة بالها ....شوف انا من أول مرة حكيت لى عنها وانا حاسة ان فيه حاجة مش طبيعية ....لكن قلت مش معقول عمر يعمل كده .....لكن كل ما كانت تيجى سيرتها حالك كله يتقلب ... وكنت بتقارنها بى فى كل حاجة .......حاولت أصبر لكن انت كنت كل يوم بتبعد عنى وبقيت فى دنيا تانية خالص .......

فاهتزت كلماته وحاول الانكار ولكنه لم يستطع : ياسارة انا .....

فقاطعته : بص يا عمر أرجوك ماتكدبش اعمل أى حاجة غير انك تكدب اوعى تقع من نظرى بكدبك ......

وكأنه طفل ضاق عليه الخناق ويريد الاعتراف بذنبه : لا مش ح أكدب ياسارة ...أنا فعلا أعجبت بيها لأنها فعلا شخصية مميزة ....لكن انا مش خاين ياسارة انتى معتبرة دى خيانة ؟!

فصرخت : لا والله ؟ أمال دى ايه ؟! والله لو كان اعجاب عادى ما كانش فرق معايا احنا طول اليوم بنعجب بشخصيات ناس وبتفكيرهم وبثقافتهم ...لكن أول ما بندخل باب البيت بنسيبهم برة لأن العلاقة الزوجية حاجة مقدسة ما ينفعش ندخل فيها شركاء .........

فرد بضعف لم أعهده فيه : يا بنتى انتى محسسانى انك قفشتينا فى كازينو على النيل ....أقسم لك بالله انى عمرى ما اتكلمت معاها أى كلام خاص حتى كلامى عنك وعن يحيى كان قدام كل المهندسين مش خاص ليها ....والله العظيم أنا بخاف ربنا فى كل حاجة بس بجد غصب عنى ....تواجدى معاها أوقات طويلة فى الشغل خلانى اعجب بشخصيتها وتميزها ....حاولت أبعد عن تدريبها رفضوا ....أعمل ايه انا مش حجر يا سارة .........

تحرك عطفى عليه وأخفضت من صوتى قليلا وسألته : طيب ليه من أول ما حسيت بالاحساس ده ما قلتليش ؟

فابتسم وقال : ايوة علشان كنت الاقى نفسى متقطع فى أكياس سودة !!

فرددت بكرامتى المجروحة : طيب انا قصرت فى حاجة من حقوقك علشان تعجب بواحدة تانية يا عمر وكمان تقارنها بى ؟

فرد بعناد : انتى خلاص بقى يحيى رقم واحد فى حياتك وانا رقم اتنين !!

فهمست فى سرى – يادى الخيبة على عقل الرجالة !! – ورديت : بص بلاش الحجة الخايبة دى اللى كل واحد بيبررها لنفسه علشان يعمل حاجة فى دماغه .....لو كنت مهتمة بيحيى فدى حاجة تسعدك لأنه مش ابن جوزى الاولانى وانت بتربيه .....ده ابنك ..ولازم اول فترة فى حياتى يعتمد على فى كل حاجة .... لكن أتحداك انك تقول انى أهملتك !!

لا ما أهملتنيش لكن فين سارة بتاعة زمان المتوهجة اللى كلها ذكاء وثقافة وجاذبية ....؟

فأكلمت كلامه : وتسلط .....ليه نسيت تقول ده ؟ مش انت بتقارنى بآية ؟ قارن بقى الحلو والوحش ....قارن لو كانت آية هى اللى مكانى كانت وقفت جنبك لحد ما تنجح فى شغلك ؟ ولا كانت سابت شغلها علشان خاطرك ؟ ولا استوعبت والدتك وشالتها فى عينيها .......بيتهيألى لو كانت عاشت هنا شهر واحد مش بس كانت سابتك لا كانت بلغت عنك الانتربول !!

............ ......... ........

شوف يا عمر انا مش احسن واحدة فى الدنيا وفى عيوب كتير زى اى حد ....لكن ما ينفعش أساسا اننا نفتح باب المقارنة بشريك الحياة بأى حد تانى حتى لو كان احسن منه فى كل حاجة .......ربنا سمى الشركة دى الميثاق الغليظ يعنى زى العقدة المتينة اللى ما ينفعش ان حد تالت يدخل فيها .......لأننا لو فتحنا باب المقارنة يبقى بنفتح كل ابواب الشيطان لتدمير البيت ......الا لو كنت ناوى تتجوز تانى دى تبقى حدوتة تانية !!

فرد بفزع : أتجوز ؟! ايه ده يا سارة انتى خلاص خلتينى خاين وبأدور على زوجة تانية ؟ انا فعلا بأحبك .........

فرديت من بين دموعى : اللى بيحب حد يشوفه احسن واحد فى الدنيا .....حتى لو السنين غيرته .....لو مرض ....لو شعره شاب .....لو شكله اتغير .......لأنه أصلا بيعتبر وجوده فى الدنيا مرتبط بحياته .....ما ينفعش يقارن بينه وبين اى حد لأنه أصلا مش شايف غيره ....زى انا مش شايفة اى راجل فى الدنيا غيرك .......

فتحرك حنانه وحبه ولم يقوى على دموعى وانهيارى : انا آسف ياسارة انا بجد جرحتك غصب عنى ....آسف عمرى ما ح اعمل كده تانى أبدا ولو حتى بالتفكير .....والله الشيطان هو اللى ضخم لى عيوبك وحسنها هى فى نظرى .... انا فعلا بعدت عن ربنا شوية من انشغالى فى الشغل الفترة اللى فاتت .....لكن اوعى تشكى لحظة انى مش باحبك .....اعتبريها غلطة صغيرة من ابنك التانى ولو اتكررت ابقى اعملى اللى انتى عاوزاه .......انا عمرى ما كدبت عليكى ابدا .....أرجوكى صدقينى المرة دى ومش ح تندمى ........

فرق قلبى لكلامه وكدت اسامحه على الفور ولكنى أحببت ان أشعره بكبر خطأه حتى لا يكررها : ح احاول اصدقك لكن بجد انا محتاجة فترة أكون فيها لوحدى علشان استعيد ثقتى فيك وفى حياتنا .....ح اروح لماما كام يوم لحد ما أعصابى تهدأ .....

فرد بحزم : لا انا مش موافق .......

فرديت بعناد : عمر انا محتاجة الفترة دى اننا نبعد عن بعض كام يوم .....وح اقول لماما انك مسافر فى شغل ....انا بجد مش قادرة أقعد فى البيت هنا ....ما تضغطش على أعصابى أرجوك .........

فرد بحزن : زى ما تحبى يا سارة ........لكن أرجوكى خليكى متأكدة من حاجة واحدة ان قلبى عمره ما دخله واحدة غيرك.






الحلقة ( 14 )


أصبحت وحدى فى المنزل بعد رحيل سارة ويحيى الى بيت والدها .....البيت كئيب موحش بدونهم سبحان الله لا نعرف قيمة الشىء الا عندما نفقده .....مثل ملابس الانسان او ساعته لا يشعر بها الا عندما يرتديها او يخلعها لكن طوال ماهى موجودة معه لا يشعر بها ......شعرت بكبر الفقد عندما رحلوا ........

سارة الحبيبة التى تملأ الدنيا بهجة وتفاؤل ....... التى تمتص كل همومى مهما كانت مرهقة .......أصبحت أدخل المنزل وكأنى داخل مقبرة .....لا حياة ولا حركة .....ولعب يحيى فى كل مكان تذكرنى بمشيته المضحكة واختباءه وراء الكراسى ظنا منى انى لا أراه وكلماته القليلة التى تساوى كنوز الدنيا ......

كيف أضعت كل هذا من أجل انسانة بالكاد أعرفها ولم أر منها الا مظهرها البراق الذى يخفى شخصية متسلطة ...وحتى لو كانت شخصيتها رائعة كيف اسمح للشيطان ان يجعلنى اخسر استقرارى من أجلها ؟ أليس الله هو من أختار لى سارة وأختارنى لها ؟ كيف أظن ان اختيارى أنا أفضل ؟! وأبدأ المقارنة السخيفة والظالمة ؟! يارب سارة تنسى كل الى حصل وترجع لى تانى ............ ......

بيتى وحشنى أوى .......مش عارف أنام فى اودتى القديمة اللى عشت فيها أكتر من 20 سنة ؟ سبحان الله !! طبعا ماما فرحانة جدا بوجودى ونفسها ان سفر عمر الوهمى يستمر شهور .....لكن بابا بغريزته وذكاؤه لم يصدق فكرة سفر عمر ولاحظ من نظراتى الذابلة وردودى المقتضبة على عمر فى التليفون ان هناك مشكلة ولكنه لم يسأل واكتفى بالدعاء لى ولعمر ........

وأخوتى سعداء بالطبع بوجودى انا ويحيى ويلعبون معه ويشترون له مليون شيكولاتة فى اليوم ........و لكن يبدأ الصراخ والشكوى عندما يمزق يحيى أوراقهم أو كتبهم أو يعبث بأدوية ماما أو يلقى نظارة بابا من الشباك !!

عندها أشعر بالحرج وأضربه تنفيسا عن ضيقى وحرجى وأشعر فعلا أنى غريبة......... وأنى أفسدت نظام حياتهم واحدثت فوضى فى البيت........ و عندما يصحى يحيى بالليل ويطلب طلباته العجيبة ويكون أخوتى ناييمن علشان مدارسهم أكون نفسى أقتله علشان ما يصحيش حد من صراخه وآخذه وأتسحب فى الظلام وأجلس به فى الصالة حتى يتعطف على وينام ............ ..

انا مش عارف الحقيقة سارة كانت بتعمل كل شغل البيت والطبيخ كل يوم ازاى ؟ الشقة فى ظرف كام يوم تحولت الى ما يشبه الاسطبل ...ولكى أصل الى ملابسى قبل الشغل بأبقى عامل زى البهلوان بعد ما كنت أصحى أجدهم مكويين ومرتبين وألبسهم زى الباشا.....

الآن أبحث عن شراباتى فلا اجد الا كل فردة لون .....وحاولت أغسل الملابس التى تحولت الى جبل وطمأنت نفسى أن الغسالة الاوتوماتيك هى اللى بتغسل ومفيش مشاكل فوضعت كل الملابس مع بعض واخترت برنامج قوى جدا وانتظرت النتيجة المبهرة ....

وطبعا كانت كارثة مدوية لم أعرف أن الملابس تفصل قبل الغسيل كى لا تبهت الالوان على بعضها وكانت النتيجة أنى خسرت عدة قمصان غالية تحولوا الى اللون الكحلى من بنطلون لعين دسسته فى وسطهم ...........ده سارة لما تيجى ح أحطها فوق دماغى .....منك لله يا آية !!!!


عمر يحاول أن يكلمنى عشرين مرة فى اليوم ...ولا أرد عليه وأكتفى أحيانا باعطاء الموبيل ليحيى كى يسمع صوت والده .......ووقتها يبدأ فى الضحك والحديث المتقطع والذى لم أفهم منه الا يحيى وهو يسأل (بابا فين ؟) حتى الطفل يفتقده بشدة .....

وأحاول أحيانا أن أرد عليه وأوهم نفسى أنى أرد فقط شفقة عليه من الاتصالات المتكررة ولكن الحقيقة انى أشتاق لسماع صوته الذى لم أحب صوتا غيره .....

ورغم هذا أرد عليه بكلمات معدودة وهو يسألنى أن أعود اليه وأعود لبيتى .....وأنا أصر على موقفى ومن داخلى أتمنى أن أعود اليه وأنسى كل ما حدث ولكنى أريده ان يشعر انه جرحنى بشدة ولا يكررها أبدا .........

لم أستطع النوم وقمت أصلى ركعتين قيام الليل وجلست أقرأ بعض القرآن وفتحت درج البوفيه الذى كنا خصصناه أنا وسارة لختم المصحف بصورة دورية وشعرت بالخجل الشديد وأنا أرى انى فى خلال شهرين لم أقرأ الا أجزاء بسيطة مقابل ما قرأته سارة....

بل وعجبت انى وجدتها كتبت على بعض الأجزاء أن أمى هى التى ختمتها !!! حتى ماما ياسارة ؟!


شعرت انى بعدت عن الله فى الفترة الماضية ولهذا كان من السهل أن يسيطر الشيطان على تفكيرى .......رغم أنى كنت أرى من هى تفوق آية جمالا وذكاء فى شركتى القديمة ولكن أبدا لم أنظر لواحدة لأنى كنت أخشى الله.........

ودعوت الله كثيرا أن يصلح من حالى ويرد لى زوجتى وابنى واستقرار بيتى .....وجلست فى جلستى هذه وقت طويل وانا لا أعرف ماذا أفعل سارة لا تقبل اعتذارى ولا ترد على مكالماتى وعندما أقول لها انى سأذهب لأحضرها بالقوة ترفض بشدة وتقول لى أنها ستخبر الجميع بمشكلتنا لو فعلت هذا .........ماذا أفعل يارب ؟

وهدانى الله الى حل بسيط لا أعرف كيف تاه عن بالى واستحالة أن ترفضه سارة بأى حال من الاحوال ولكنه سيستغرق عدة أيام فى تنفيذه .......ولكن لا يهم سأجند كل أصدقائى أن يتموه فى أقصر وقت ممكن والله المستعان ........

مر على تركى لبيتى حوالى اسبوعين فعلا اشتقت للعودة بجنون وما يزيدنى حيرة أن عمر لم يتصل من عدة أيام !!! ايه ده خلاص مش عاوزنى ؟ طيب أعمل ايه دلوقتى ؟ كان لازم أزعل أوى كده ؟

طلبته على الموبيل بعدما زاد قلقى أن يكون حدث له مكروه .......فلم يرد ....!!

جلست أكاد أموت من القلق ولا أعرف ماذا أفعل وفكرت أن أخبر والدى بكل شىء ليذهب له ولكنى لم أستطع وقضيت يوما طويلا هاجمتنى فيه كل الهواجس الرهيبة.حتى جاء الليل وانا أكاد أنهار حتى جاءنى صوت يحيى صارخا (بابا جه بابا جه !!!!!!!)

لم أصدق أذنى وجريت لأراه يلعب أم أن عمر جاء بالفعل ؟! ووجدته ينظر الى بشوق وكدت أجرى عليه وألقى نفسى بين ذراعيه أمام الجميع ولكنى خجلت وجلست أراقبه صامتة وأنا أراه يخبر والدى أنه عاد من السفر مباشرة علينا !! (ياكدااااب ) ويخبر ماما انه جائع جدا من طول السفر!!! ويقبل يحيى بجنون وأراه يوزع هدايا على الجميع وينظر الى باسما وكأنه يقول أتحداكى أن تكذبينى بعد الفيلم ده كله !!!!

وكل هذا وأنا صامتة لا أتكلم وقمت لأحضر الطعام مع أمى وتركته جالسا مع أبى وقلبى يكاد يطير من الفرحة لرؤيته وقرب عودتى لبيتى ....

ولم يتعمد أن ينفرد بى أو يعطينى هدية مثل الجميع ....وأخييييرا همس لى بكلمة واحدة (وحشتيييييييينى ) وأخرج من جيبه شيئا ظننته هدية ولكنى وجدته جواز سفرى !!فتحته من دهشتى وعقدت لسانى المفاجأة وصرخت من الفرحة والدهشة العارمة ........(معقووووووووووووووووول ؟!!)





الحلقة ( 15 ) والأخيرة

جلست على مقعدى فى الطائرة وأنا أتلو آيات قرآنية وأشعر برهبة كبيرة ولا اتوقف عن النظر الى ساعتى والى خريطة سير الطائرة واكاد استحلف الدقائق أن تمر كى أصل الى ما حلمت به منذ كنت طفلة ...لا أكاد أصدق نفسى انى بملابس الاحرام وبعد ساعات سألمس الكعبة بيدى ...أنظر الى عمر بحب الكون كله الذى أهدانى هذه الهدية التى تفوق كنوز الارض

......

لا أستطيع أن أصف فرحتى منذ رأيت تأشيرة العمرة على جواز سفرى ومن وقتها وأنا أكاد أستوقف الناس فى الشارع لأخبرهم أن الله دعانى ضيفة على بيته الكريم ....فكم من أغنياء رفض الله أن يدخلوا بيته الكريم وألهاهم فى متع الدنيا كى يحرموا من هذا الشرف الرفيع ....وكم من فقراء لا يملكون قوت يومهم دعاهم الله الى رحابه الطاهرة .....فنحن لا نذهب الى الحج او العمرة بارادتنا بل الله هو من يدعونا اليه


............



أشعر بنبضات قلبى تعلو على محركات الطائرة وهى تهبط فى مطار جدة ...أتحسس ملابس الاحرام كى أصدق فعلا انى لا أحلم ...سارة تكاد تطير من الفرحة وكل دقيقة تشكرنى على هذه الهدية والعجيب انها لم تفتح أى حوار او عتاب فى مشكلتنا بل وكأنها نسيت كل أحداث العالم وتذكرت فقط انها ذاهبة الى الله .......

هبطنا الى مطار جدة الفاخر وحدثت ماما ويحيى فى التليفون وبكيت عندما سمعت صوته ولكنى لم أستطع ان أصحبه معى من مشقة الرحلة ...أول مرة أفارقه من يوم مولده ولكنى أفارق ابنى لأذهب الى حبيبى و ملاذى وملجأى ........

ركبنا الاوتوبيس الموصل الى مكة وركبت سارة بجوارى وأخذت أنظر الى جميع الركاب وأتأمل وجوههم المشتاقة الى زيارة بيت الله وأتأمل الشيوخ منهم وأتساءل كيف سيقدر هذا الشيخ الواهن على أداء المناسك ؟ وكيف يجتمع كل هذا الحب فى قلوب كل المسلمين الى شىء لم يروه أبدا ويقضون حياتهم كلها فى شوق الى رؤية بيت الله الاعظم ......قد تجد من يجادل فى أشياء فى الدين ولكن لا يمكن أن تجد مسلما قلبه لا يتوق الى زيارة مكة والمدينة ...



ودخلنا أسوار مكة وأخذت أتأمل شوارعها الواسعة وأسواقها الكثيرة وخيرها الذى لا ينقطع وأتخيل ان مساكن الصحابة كانت فى محل الفنادق الفارهة ....وكيف كانوا يتحملون هذه الحرارة العالية التى نشكو منها الآن فى وجود المكيفات؟ كيف تحملوا العذاب فوق رمال الصحراء كى يتخلوا عن دينهم ؟ونحن لا نصبر على القيام لصلاة الفجر؟


وصلنا الفندق ووضعنا حقائبنا وتوضأنا انا وعمر ورفضت تناول اى طعام او حتى ان أستريح وهرولنا لندخل الحرم ....ومشينا فى الاسواق وانا لا أكاد أرى البائعين الاسيوين والافارقة ولا أرى بضائعهم الكثيرة ولا تحيد عينى عن اتجاه الحرم .......


.حتى أخيرا وصلنا الى ابوابه وتعالت دقات قلبى وأنا اخلع حذائى وتمس قدمى رخامه البارد دوما وأشعر ببرودته فى كل جسدى وقلبى ......أحاطنى سلام داخلى لم أعرفه من قبل وأنا أرى أبواب الحرم الكثيرة وحوائطه الجليلة وكأنى سائرة داخل حلم لا أريده ان ينتهى .....

حتى أخيرا وصلنا الى صحن الكعبة ورأيتها لاول مرة فى عمرى ....لم أصدق عينى وأحسست انى أحلم وانتفضت وكأن زلزال هزنى بقوة ونفض عن قبلى سباته وغفلته الطويلة ليخبره انه قد ولد الآن فقط ..........ولم أتمالك نفسى من الخشوع والرهبة فسجدت وبكيت بكاء لم أعرفه طوال حياتى ............ ...

هل أستحق أن أكون هنا يارب العالمين ؟ لقد أخطأت كثيرا وأذنبت كثيرا ويملؤنى الخجل من أن أقف ببيتك الكريم وانا لا أستحق هذا الشرف ....أرى بيتك بعينى وقد أخطأت عينى كثيرا؟ أطوف حول الكعبة بقدمى وطالما عصت قدمى ؟ ما هذه الرحمة ؟ انها لا تكون الا من رب رحيم عظيم ........


أطوف حول الكعبة ولا أشعر بالزحام ولا أشعر بافتقادى لابنى ولا أشعر بزوجى بجوارى ولو كان كنزا ملقى تحت اقدامى ما شعرت به ....عرفت الآن لماذا النظر الى الكعبة عبادة .......رؤيتى لها تغسل قلبى وروحى من دنس الذنوب وتفاهة الدنيا وصراعاتها الشرسة ...انه ليس فقط احساس ولكنه تغيير داخلى يحيطنى ويشعرنى انى اولد من جديد .......

أمسك بيد سارة كى لا تتوه منى فى الزحام وأراها وهى لا تتوقف عن البكاء من خشية الله وأشكر الله على هذه الزوجة الصالحة التى لولا فضل الله ثم وجودها بجوارى وصبرها على لم اكن احقق اى نجاح ......لا أعرف لماذا أشعر بنوع جديد من الحب تجاهها ولد هنا ....هل هو الحب فى الله جمعنى بها غير حبى لها كزوجة وام ابنى؟ اللهم اجمع قلبينا على حبك فهذا الحب لا يمكن أن يموت .......


وصلت للشوط الأخير من الطواف وانا أتصبب عرقا ودموعا .....دعوت دعوات كثيرة وبكيت بين يدى الله أكثر وتذللت بين يديه أن يبدأ حسابى من يوم دخلت بيته ....شكرت الله على نعمه التى أغرقنى بها ولم أشعر بها الا عندما سمعت دعوات المجاورين لى والتى يشكو كل منهم حاله وابتلاؤه الى الله .......


صلينا ركعتين فى مقام ابراهيم ثم طاب لنا أن نصلى أكثر وأكثر ولم نشعر بالوقت وقلوبنا ساجدة فى رحاب الله الطاهرة وحمام الحرم يطوف حولنا وكأنه سعيد بضيوف الرحمن ........
ذهبنا الى المسعى بين الصفا والمروة وبدأنا السعى ونحن نذكر الله ونبتهل فى دعاؤه ولم أعرف فى البداية المسافة التى يجب ان نهرول فيها حتى وجدناها محددة بضوئين أخضرين وهرولت مع عمر تيمنا بالسيدة هاجر حتى لفتت نظرى سيدة فاضلة ان الهرولة للرجال فقط فى هذه المسافة .........


وصلنا الى الشوط الخامس وانا لا اقوى على السير فالمسافة طويلة جدا وتعجبت كيف لامرأة ضعيفة مثل السيدة هاجر ان تهرول كل هذه المسافة 7 مرات بحثا عن ماء لوليدها ؟ ونحن الرجال لا نقوى على السير مع وجود الارض الرخامية والسقف الواقى من لفحة الشمس؟

سارة انهكت ونبح صوتها من فرط الدعاء والبكاء بين يدى الله .....وأخيرا انتهينا من السعى وأجلست سارة تستريح وتدعو على جبل الصفا وذهبت أحضر لها ماء زمزم وأصريت أن أسقيها بنفسى وشربت معها حتى ارتوينا

.....وأخذنا ندعو سويا أن يحفظ الله ابننا يحيى ويجعله من حفظة القرآن وندعو أن لا يكون هذا آخر عهدنا بالبيت وأن يأتى بنا الله فى هذه الزيارة الكريمة مرات ومرات ....



نظرت الى عمر وكأنى أراه لأول مرة فى عمرى كله ويملؤنى احساس ان قلبى ملىء من ناحيته بحب من نوع جديد .....حب فى الله .......حب أقوى وأعمق مئات المرات من حبى له كرجل أو كزوجى فهذا ممكن أن يضيع أمام أى مشكلة ....أما أن أشعر أنى أرضيه لأنى أرضى الله فيه وأحبه لأنى أحب الله فيه ..... فهذا لا يمكن أن يضيع ولا يمكن أن ينتهى ....دعوت الله أن يحفظه لى ويجمع قلبينا سويا حتى نهاية العمر فى زمرة المتحابين فى جلاله .....اللهم احفظ علينا نعمتك التى لا تمنحها الا للقليل من عبادك وعلمنا شكرها وحق رعايتها ......اللهم أدم علينا الحب فيك ومنك وبك يارب العالمين

تمت بحمد الله

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

هى فعلا قصه رائعه وبعدين هى حقيقه .......وكمان الا عجبنى اكتر ان ساره بتتميز بذكاء انثوى فظيع وكمان عمر لديه حنان وعطف يشمل بيه الجميع ........بتمنى ان الزوجات والازواج يكونوا كده

غير معرف يقول...

القصه دي جميله وشدتني اوي لحد ما خلصتها كلها وياريت تتعمل مسلسل علشان كل الناس تتعلم منها ويارب يرزقني بواحد ذي عمر ويهديني ذي ساره

غير معرف يقول...

السلام عليكم،،،
لم أستطع أن أترك القصة حتى أنهيتها،،، هي ليست قصتي،،، و لكنني عشت مثلها،،، فكلما قرأت أكثر،،، رجعت لي ذكريات زواجي السعيد،،، أتمنى من الله عز و جل أن يهنأ جميع الأزواج في حياتهم و أن يتم نعمته على جميع المسلمين و المسلمات و ينصر الإسلام و يعلو دين الحق.

غير معرف يقول...

بجد القصه دي روعه واجمل قصه انا قرأتها وانا بجد اصتفدت منها كتير وبدعي ربنا اني اعيش القصه دي بجد ونفسي ان كل الناس تعشها وانا حسيت بالسعاده دي من قرأتي للقصه بس ويارب ارزقني حياه مثلها