الدكتوره جيهان النمرسى .. المستشار النفسى للمجموعة بقناه دريم 2 جزء من لقاء مصروف الطفل


13‏/08‏/2008

يوميّات أسرة مصرية جداً ج 11 الى 15

يوميّات أسرة مصرية جداً
الحلقة الحادية عشر: خزانـة الذكريـات






قال خالـد
:
رجعت المنزل وكلي غضب من الظلم الشديد الذي أشعر به والاهانة القاتلة التي شعرت بها عندما رآني أصحابي وانا أعمل في المكتبة
لحد امتى البهدلة دي؟ هو انا أول واحد يسقط؟ طيب ماهو سامح شايل كيمياء وانجليزي ورايح يصيّف مع اهله وبايع القضية ومش في باله !! انا بس اللي ح افتح عكا ؟! ان شاء الله على ما الأجازة تخلص ح أكون حدوتة الشارع والحي كله
ألقيت على أمي التحية باقتضاب وهي جالسة أمام حلة محشي تعدها لغداء الغد وبجانبها المفعوصة ملك بتحشي هي كمان ورق عنب ولكن اصابع سداسية الشكل او تشبه المرأة الحامل وأمي تحاول منعها بلا فائدة
جلستُ كالبركان الهائج أمام التليفزيون محملقا امام الفيلم القديم الذي يُعرض للمرة المليون ومع ذلك تضحك ملك هانم مع كل لقطة بصوت عالي جدا حتى أثارت جنوني فصرخت فيها: بتضحكي على ايه يارايقة انتي؟ ده الفيلم ده اتعرض مليون مرة.. يالاّ قومي من هنا بلاش دلع
نظرت لي ملك بتعجب ورفعت يديها المليئة بالأرز فغطي شعرها وهي تدافع عن نفسها: هو انا عملت حاجة يا ابيه خالد؟ هو الضحك حرام ولا انت ح تطلّع غُلبك فيّا انا؟
هممت ان أنقض عليها لولا ان تدخلت ماما ومنعتني: ايه ياحبيبي هي البنت عملت لك حاجة؟ تلاقيك راجع بس تعبان.. اقوم اعمل لك حاجة تاكلها؟
همت عصافير بطني الثائرة ان ترد بمظاهرة ساخنة ولكني رددت بعناد: تعبان؟ قولي ح اموت قولي ح انتحر حاجة كده.. انا بقالي اكتر من 6 ساعات واقف على رجلي لما خلاص ح اموت واللي يسوى واللي ما يسواش داخل المكتبة يبهدل فيّا براحته.. واصحابي شافوني وانا باشتغل وكنت في نص هدومي.. قوليلي بقي لحد امتى المرمطة دي؟
لمحت نظرة اشفاق في عيون ماما وقالت لي بحنانها المعهود: معلش ياحبيبي فترة وتعدي وان شاء الله ابوك لما يهدى شوية ح اكلمه وربنا يسهل.. بس علشان خاطري قوم اتعشى.. اختك سلمى محضرالك العشا من بدري
وجاءت سلمى بالعشاء والتهمته في ثوان معدودة وألقيت بنفسي على سريري لأنام بكامل ملابسي في لحظات من شدة الارهاق
*******
قالت سلمى
:
واصلت امي عمل المحشي وسط محاولات مستميتة كي تبعد أيدي ملك عن عمل مكعبات ومثلثات بورق العنب بلا جدوى!! وجاءها صوتي متسائلا من غرفة النوم: قصدك ياماما البالطو البني اللي على الرف ده؟
تنفست الأم الصعداء وقالت بفروغ صبر: اخيييرا لقيتيه؟ ايوة هو يا ستي هاتيه وتعالي.. بقالك ساعة بتدوري عليه
أحضرته وجلست لأرى ماذا تريد أمي من هذا البالطو العتيق.. فأجابتني: شوفي ياسمسمة.. البالطو ده صوف انجليزي أصلي مفيش منه دلوقتي.. كان عندي من زمان اوي وراكناه على أساس اني يمكن أخسّ ولا حاجة وأعرف ألبسه تاني!! وبعدين النهاردة لقيت أم حسين الست الغلبانة اللي على اول الشارع قاعدة تعبانة اوي انتي عارفة عندها روماتيزم ومحتاجة حاجة تدفّي ضهرها على طول.. قلت نكسب فيها ثواب ونديه ليها
فرددتُ: طيب يا ماما ابعتيه مع ملك انا دخلي ايه في الحدوتة دي؟
أجابتني امي باستنكار: ياخبر زي بعضه انتي عاوزانا نديه للست وهو مبهدل كده؟ حرام عليكي.. ده ربنا بيشوفه قبل ما ايد الست تلمسه.. انا عارفة انك شاطرة في الخياطة من زمان.. عاوزاكي تركّبيله زراير بدل اللي ناقصة والجيب المقطوع ده صلحيه الله يكرمك
خجلتُ للغاية من كلام أمي وجلستُ أركب الازرار الناقصة وأصلح الجيب المقطوع وأنا أتساءل كم كيلو جرام كان يلزم أمي ان تنقصها كي تستطيع ادخال كمّ واحد من البالطو فيها؟ أعتقد 40 كيلو!! وابتسمتُ وأخفيتُ ابتسامتي كي لاتراها أمي وتقرأ أفكاري وتبقى ليلة ياعمدة
أوشكتُ على الانتهاء بعد حوالي ساعة كاملة ورأيت عدة بقع صغيرة على كم البالطو فأخرجتُ علبة البنزين المنظف وأخذتُ أنظف البقع الصغيرة وألمع الأزرار التي علاها الصدأ وأضفت له زينة صغيرة قرب الجيب ثم كوته فازداد أناقة وأصبح كالجديد
نظرت له برضى واخذته الى أمي لتريها اياه فاتسعت عيونها من الدهشة وقالت: ايه ده؟ هو نفس البالطو؟ تسلم ايدك بجد يا سلمى دي الست ح تموت من الفرحة لما تشوفه.. ربنا يكرمك يارب
قفزت ملك على الكرسي: برافو عليكي يا أبله سلمى ده بقى تحفة.. انا بقول نبيعه بلا أم حسين بلا قلبة دماغ
فضحكت ماما من قلبها وأخبرتني على استحياء: والله ياسلمي شطارتك ده شجعتني اني اطلّع كده كام حاجة كده لله من هدومي وهدوم ابوكي.. كل ما اجي اطلّعهم الاقيهم حالتهم تعبانة خالص اتكسف وأقول الواحد يرميهم أحسن.. على العموم لو ح يتعبوكي بلاش منهم
فقفزت من مكاني وانا اهتف من قلبي: يتعبوني؟ لا طبعا هاتيهم بسرعة هو انا ورايا ايه يعني؟ واهو الواحد ياخد ثواب كمان.. يالاّ بسرعة نطلعهم ياماما
*******
انطلقت القافلة الحريمي المكونة منّي ومن ماما وطبعا كمالة العدد الست ملك.. ودخلنا الى غرفة ماما وهجمنا على سريرها وأزحنا المرتبة الفولاذية المحشوة بنص طن قطن من ايام العز طبعا
ثم أزحنا ألواح السرير الخشبية لنجد ملاءات سرير قديمة مربوطة على شكل عدة زكائب وتحتوي كل منها على كمية كبيرة من الملابس القديمة وبعضها الملابس الشتوية التي نلبسها في الشتاء
وفتحنا خزانة الذكريات وتحولت الغرفة لما يشبه سوق الكانتو مما أعطى ملك فرصة ذهبية في هوايتها في ارتداء وبعثرة وتدمير أي شىء
ملابس كثيرة وموديلات قديمة.. وياللعجب.. منها ما عاد موضة مرة أخرى!! لا أعرف لماذا احتفظت أمي بهذه الملابس كل هذه السنين؟
وكتمت ضحكتي انا وملك عندما كانت ماما تمسك قطعة من الملابس وتقول ووجهها الابيض المشرب بالحمرة يضىء من الذكريات: أهي البلوزة دي أبوكي جابهالي يوم ما ولدت خالد اخوكي!! ومن ساعتها ما فرّطتش فيها ابدا.. دي حرير أصلي.. والفستان الاسود ده جابهولي يوم عيد ميلادي.. ييجي من عشر سنين كده وعاوزه بس اخس له ييجي عشرة كيلو علشان ألبسه تاني
فضحكنا انا وملك رغما عنا وانطلقت ملك كالصاروخ متعجبة: عشرة بس؟ طب بحبحيهم شوية
وانطلقت كالسهم كي تتفادي الوسادة الطائرة التي أتحفتها بها أمي مكافأة لها على طول لسانها المعتاد
لملمتُ كومة الملابس وأخذتها الى الحمام وبدأت في غسلها وأخذت وقتا طويلا وفعلا كانت من أقمشة متينة لم تتاثر بالغسيل بل ظهر بريقها ورونقها القديم.. ثم نشرتها وانتظرتّ الى ان جفت في الصباح
ثم بدأت في ترتيبها وأخرجت ماكينة الخياطة الخاصة بأمي المركونة من زمن طويل وبدأت في اصلاح كل قطعة على حدة وانا أفكر
لماذا نترك أكوام الملابس بداخل الخزانات ونترك المئات عرايا؟ لماذا لا نستغني عن ملابسنا القديمة الا بعد سنوات وسنوات؟ كيف نطرد هذا البخل والشح من داخلنا؟
*******
أخذتْ الملابس أياماً في اصلاحها واضافة لمسات جمالية لها ثم كيّها وتعليقها بعد ذلك.. حتى أصبحت تنافس الملابس الجديدة في رونقها
أخذت أنظر الى الملابس التي ملأت غرفتي وأنا أشعر لأول مرة من سنوات أني أفعل شىء ذو قيمة.. ولمعت في رأسي فكرة
فكرة أضاءت نورا مشعا داخلي.. وقد تُغيّر كل حياتي رأساً على عقب


حس حس عم عم المتعة والفائدة


يوميات أسرة مصرية جداً
الحلقة الثانية عشرة: مشروع الخير






قالت سلمى
:
امسكتُ بالتليفون واتصلت بصديقتي القديمة وجارتي شيماء وزميلتي في الكفاح.. كفاح انتظار فارس الاحلام وحلم ان يأتي ولو حتى على أرنب ابيض
جاءني صوتها مليئا الملل والفراغ كالعادة وطبعا أسمعتني دش بارد على قلة اتصالي فقاطعتها وهتفتُ بها بكل حماس: سيبك من الكلام الفاضي ده يا بنتي عاوزاكي في موضوع مهم جدا جدا
نفضت عنها الملل وارتفع صوتها في حماس وترقب: ايه؟ في عريس جاي في السكة ولا ايه؟
فرددتُ بتبرم: هو انتي مفيش في دماغك غير العرسان وحواديتهم؟ لا ياستي مش عريس دي حاجة تانية خالص.. بس حاجة تانية ح تغّير حياتك وحياتي خالص
عاد اليها مللها وخفت صوتها مرة ثانية: حاجة ح تغير حياتنا ومش عريس؟ عروستي!!؟؟
اتغظت وقلت: الظاهر اني غلطانة اني كلمتك.. ح تفوقي معايا ولا اكلم حد تاني؟
فردتْ بسرعة: لا لا خلاص ح ابقى مؤدبة واسمع كلام ماما وبابا! بس قولي يالاّ بسرعة
فحكيت لها بايجاز عن موضوع جمع الملابس واعادة اصلاحها ثم اعطاءها للفقراء بعد ذلك وطلبت منها مساعدتي
فردت بتعجب: وعاوزاني أدور على الجيران واقولّهم عندكم هدوم قديمة لله!! ولاّ اقول حسنة قليلة تمنع بلاوي كتيرة؟! عاوزاهم يقولوا البنت مش بس عنّست لا كمان اتجننت
حمدت الله على نعمة العقل وجززتُ على أسناني وحادثتها كأني أكلم ملك المفعوصة: شوفي يا شوشو ياحبيبتي.. الموضوع مش فيه شحاتة ولا حاجة.. ولا احنا ح نبيع الهدوم دي مثلا ولا حنسرح بيها في سوق الكانتو لا سمح الله.. كل الحكاية انا عاوزاكي تبلّغي اصحابك ومعارفك اننا بنجمع الملابس القديمة وياريت اللي عنده هدوم يجيبها.. وياسلام لو مغسولة او متوضّبة يبقى تمام التمام.. ولو حتى مش جاهزة مفيش مشاكل احنا ح نوضّبها.. صدقيني مفيهاش احراج ولا حاجة.. احنا بنعمل حاجة لله وكمان احنا مش اول ناس يعمل الفكرة دي.. لا.. شباب غيرنا كتير بينفذوها.. ولاّ لازم نقعد ايدنا على خدنا نستنّى عريس الغفلة من غير من نعمل اي حاجة مفيدة؟
وكأن كلامي أخيرا أقنعها وقالت: خلاص اتفقنا.. ح اكلم كل اللي نعرفهم واحنا عندنا شقة أخويا الفاضية اللي فوقينا ممكن نجمع فيها الهدوم بس استني لما استأذن ماما الاول لحد ما نشوف ح نعمل ايه.. بس يارب امي ما تقولش البنت اتجننت وح تسرح بهدوم في وكالة البلح
رديت بثقة: لا اطمني انا عارفة طنط وواثقة انها عارفة انك لاسعة من زمان يعني مش ح يفرق معاها ما تخافيش
وأغلقت السماعة قبل أن تفترسني
*******
كررت المكالمة مع عدة صديقات ووعدتني كل واحدة بالخير.. وبعد نصف ساعة فقط جاءني اتصال من والدة شيماء بنفسها وأخذت تدعو لي على الفكرة الجميلة وأخبرتني ان شقة اخو شيماء خالية وجاهزة كي نستخدمها في جمع الملابس
اغلقتُ السماعة وسجدت سجدة شكر لله على رزقه وتيسيره لي الطريق الذي قررت ان أمشيه.. وجريت واحتضنت امي وحكيت لها ما حدث فدعت لي بالخير وسعدت لسعادتي الفائقة
أمسكت التليفون مرة أخرى.. وربنا يستر وبابا مايطردنيش لما يشوف الفاتورة.. وحادثت كل من اعرفهم او اعرفهم معرفة سطحية.. ومباشرة بدون لف اودوران أخبرتهم عن مكان شقة شيماء القريب جدا من بيتنا ورجوتهم ان يذهبوا هناك بأي ملابس يستغنون عنها
ثم ذهبت لاعداد طعام الغداء مع امي وانا في عالم آخر أحلم بما يمكن ان نصنعه بهذه الملابس وأتخيل فرحة الفقراء وهم يأخذونها وكم امرأة ستستر اولادها وتسكت صراخهم من برد الشتاء وكم فتاة متعفّفة ستستطيع ان تحصل على ملابس جديدة تذهب بها الى عملها او كليتها.. وكم وكم وكم
تاهت احلامي ولم أستطع حصرها وانا تائهة عن نداء أمي وشجارها المعتاد مع ملك
تناولنا الغداء مع ابي وخالد كالمعتاد لا يزال بالمكتبة ودخلت غرفتي وجمعت كنزي من الملابس التي أصلحتها واستأذنت امي ان أذهب الى شيماء كي أخزنها عندها.. لأن غرفتي ضاقت بها.. فأذنت لي ودعت لي بالخير وطالبتني ان آخذ ملك معي كي تساعدني
*******
ذهبنا انا وملك ونحن نحمل الملابس الثقيلة ووجدنا شيماء ووالدتها في انتظارنا في الشقة الخالية الا من انتريه قديم وترابيزة سفرة مستعملة وبعض الكراسي فقط لا غير
واستقبلتني والدتها الكريمة بالترحاب وأخذتني من يدي لتريني كوم كبير من الملابس المستعملة اكبر من الكوم الذي أخرجته امي من ملابسنا القديمة بكثير
وقالت لي وهي تضحك على استحياء: والله يا سلمى دول اللي قدرت اطلعهم من تحت السرير انا وشيماء.. وفيهم حاجات غالية عندي اوي من ايام ما كنت عروسة بس كله لله
وكتمت ضحكتي وانا أزجر ملك وانا اجدها تنطلق كالصاروخ وهي تقول: حضرتك كمان يا طنط زي ماما بتخزّني هدوم من ايام الهكسوس؟
ولاحظنا احمرار وجه ام شيماء وهي تداري خجلها بضحكة صافية وتقاطعها ابنتها: ابسطي يا ست ملك كام واحدة من اصحابنا لما قلت لها على الموضوع قالت انها مستعدة تشاركنا وكل واحدة ح تجيب كوم هدوم وتيجي وكمان الجيران.. والدعوة عامة وح تبقى لمّة
وتركتنا والدتها وجاءت بعد قليل بالشاي ومعها كيس كبير من الملابس جاءت به احدي الجارات.. ونظرت الى اكوام الملابس امامي ورأيت حلمي يصبح حقيقة
دعوت الله ان يرزقني الاخلاص والقوة وسمّينا باسم الله الرحمن الرحيم.. وبدأنا في فرز الملابس واعدادها للتنظيف وانا اشعر وانا امسك كل قطعة ملابس بأني امسك وليدي الغالي الذي لم أرزق به بعد

حس حس عم عم المتعة والفائدة




يوميات أسرة مصرية جداً
الحلقة الثالثة عشرة: أول مرتّــب






ياربي لحد امتى العذاب ده؟ -

قالها خالد لنفسه ورجل يلقى اليه بعصبية ببعض الاوراق لتصويرها وتغليفها.. ولكنه كظم غيظه لاعتياده هذا الامر وكثرة ما رآه.. وعندما رحل الرجل أخذ خالد ركنا من المكتبة ليذاكر من كتاب الكيمياء الذى أصبح لا يفارقه لضيق الوقت المتبقى للامتحان واعتاد الحاج وأحمد ان يتركوه بعض الوقت ليذاكر
طبعا فى اول ايام اصطحابه للكتب لم يكن يفقه شىء من الضوضاء والضجيج.. ثم اعتاد الامر قليلا بعد ذلك لمعرفته ان أبيه لا يمزح معه بشأن رسوبه مرة اخرى فاعتاد ان ينتهز اى فرصة يمكنه فيها ان يذاكر ولو ورقات قليلة قبل عودته المنزل غير الوقت الصباحى الذى يذاكر فيه.. وترحم على الايام الرايقة التى كان ينصب محاكمة دولية لملك اخته لو ألقت ابرة امام غرفته وهو يذاكر لأنها أخرجته من مود المذاكرة ولن يعرف كيف يعود الا بعد ساعات طويلة
استيقظ من استغراقه فى المذاكرة على صوت الحاج سعيد يناديه ليعطيه شيئا قبل انصرافه الى المنزل.. واقترب منه ليجد الحاج يخرج من جيبه بعض النقود ويقول له: كل شهر وانت طيب يا عم خالد بس اوعى تضيعهم فى كلام فارغ
فتح خالد فمه من الدهشة عندما وجد النقود فى يده فقد كان يظن ان موضوع المكتبة تهذيب واصلاح فقط.. وقال لنفسه: معقول أبويا يخلى الحاج يدينى ماهية؟ طيب والحاج يرضى ليه؟ ده انا اخدت وقت طويل على ما بقيت بأعرف اشتغل؟ وطفشت له كام واحد من شغلى الروعة
حاول رد النقود للحاج على استحياء فرفض وضحك قائلا: ايه يا بنى مش عاوز تاخد فلوسك ليه؟ ده حقك ولا انت فاكرنى باكل تعب حد ياعم خالد ؟
لم يتمالك نفسه من الفرحة وقبّل الحاج قبل انصرافه.. وفى طريقه للمنزل أخرج النقود من جيبه وتحسسهم ليتأكد من انه لا يحلم وأنه لأول مرة فى عمره يكسب نقودا من مجهوده هو
طوال عمره يأخذ مصروفه من أبيه وطبعا الكمالة من امه.. وطوال الشهر يتحجج بأعذار كى يأخذ المزيد من النقود من أبويه.. ولكنه لم يشعر ابدا بهذه السعادة التى يشعر بها الآن.. لأنه تعب فى هذه النقود فعلا فيشعر انها غالية عنده جدااااااااا وكأنها مئات الالوف من الجنيهات
*******
على الفور اتجه الى اقرب محل حلوانى واشترى دستة جاتوة وقال للرجل بكل فخر: هات احسن حاجة ما يهمكش الفلوس.. الخير كتير والحمد لله
ودخل على امه وابيه وسلمى وملك بهيصة وزفة بدلا من البوز المتين المعتادين عليه كل ليلة
فأنزل ابيه النظارة عن عينه وتوقف عن قراءة الجريدة وابتسم كأنه يعرف سبب سعادة ابنه.. ولكن أمه تساءلت بدهشة: خير يا حبيبى انت عيان ولا ايه؟ مش عوايدك يعنى تضحك كده فى وشنا؟ انت ناوى تهاجر استراليا وعامل لنا مفاجأة ولا ايه؟؟؟
فشعر خالد بالخجل من كلام امه وانه حملهم مالا يطيقون من غضبه وتمرده الدائم بدون مبرر واضح فاقترب منها وقبّل يديها وقال لها: انا جايب لكم حاجة حلوة ياماما بمناسبة اول مرتب لى النهاردة
فهللت ملك وقفزت فوق الكراسى وهى تهتف مثل مظاهرات عابدين: يعيش ابيه خالد يايايايايعييييييييش!! يارب تقبض كل يوم يا أبيه واعمل حسابك انت ح تشتريلى المكعبات اللى نفسى فيها.. مدام بقيت غني كده
ابتسم خالد من كلامها ثم اقترب من ابيه على استحياء ولم يستطع ان ينطق بحرف مما اراد قوله.. فظل صامتا وابتسم ابيه وربت على كتفه قائلا: والله وبقيت راجل يا عم خالد وبقيت كسيييب كمان.. عقبال ما تفرحنا بنجاحك ان شاء الله
احتضنه خالد شاعرا بمدى عظمة هذا الرجل الذى طالما ظلمه فى قرارة نفسه بشعوره انه يتحداه وانه لا يفهمه وانه وانه... اخيرا ادرك انه كان يريد اصلاحه فقط وان يجعله يشعر بمدى صعوبة الحياة وانه لا بد ان يجد فيها مكانا ولو صغيرا بمجهوده ونجاحه وحده
خرجت سلمى من غرفتها التى تحولت الى مشغل خياطة عالمى على صوت مهرجان ملك ونداء امها اليها ان تلحق شيئا من الجاتوة قبل اعصار ملك المدمر له.. لتجد خالد يمد اليها يده بشىء صغير فتحته لتجده رزمة اوراق صغيرة مطبوعة بالكومبيوتر عبارة عن اعلان عن مشروع تجميع الملابس المستعملة التى تقوم به هى وصديقاتها ومكتوب به عنوان منزلهم ومنزل شيماء ودعاء جميل بالثواب والجزاء الكبير لمن يساعد فى كساء فقير او يتيم
تعجبت سلمى وخنقت الفرحة والمفاجأة صوتها بالدموع وأسرع خالد اليها قبل ان تبكى: شوفى بقى شغلى على الكومبيوتر طبعا حلو وروعة مش كده؟ ليكى على كل واحد يدخل المكتبة ادى له اعلان وكل بيت فى الشارع الزق له ورقة.. وكمان نجند ملك وصحابها انهم يوزعوا الورق فى كل مكان يمكن يقبضوا عليها ويفتكروها منشورات ونخلص منها
*******
تحول البيت عند شيماء لما يشبه سوق العتبة والأزهر.. ملابس فى كل مكان ومن كل الاحجام والاشكال منها ماهو جاهز للعرض ومعلق على شماعات ومنها ماهو مرصوص فى أكياس ومقسم الى ملابس اطفال ورجال ونساء ومنها مالم يزال فى مرحلة التجهيز والتصليح
قالت شيماء لسلمى بهدوء وهى تخيط فستان معها: على فكرة انا سألت عن القاعة اللى فى المجمع الخيرى التابع للمسجد علشان نعمل فيها المعرض.. لقيتهم عملوا قبل كده كذا معرض من نفس النوع وادونى ميعاد كمان 3 أسابيع علشان نعرض الهدوم هناك
فقفزت سلمى من مكانها والقتها بجاكت كان معها وهى تصرخ: بالذمة انتى مش باردة بقالنا 3 ساعات قاعدين وما تقوليش حاجة مهمة زى دى؟ وكمان بعد ما البنات مشيوا؟ اعمل فيكى ايه بس؟
ردت عليها شيماء بهدوءها المعتاد: يعنى هم الـ3 أسابيع خلصوا من دقيقتين؟ ما لسه بدرررررررري
تمالكت سلمى نفسها قبل ان ترتكب جريمة فى بيت الناس.. وجلست تفكر فى المعرض وكيف سيكون شكله وهل سيأتى الناس وكيف سيعلمون بالمكان والزمان؟ وهل تستطيع هى وصديقاتها التحكم فى الموضوع؟ ام ان زمام الأمور سيفلت منهم؟
دق قلبها بشدة وهى تفكر وتدعو الله ان تنجح فى اول تجربة حقيقية فى حياتها واول اختبار لم تر مثله من قبل


حس حس عم عم المتعة والفائدة


يوميات أسرة مصرية جداً
الحلقة الرابعـة عشـرة: حمـــــزة






وأخييييرا جاء يوم المعرض
ايام طويلة وليالي لم تذق سلمى فيها النوم هي وصديقاتها فى جمع الملابس وتجهيزها واعدادها للعرض
ولأول مرة تشعر ان الجميع بجوارها ويساندها وخاصة أخوها خالد الذى طبع الاعلانات الخاصة بمكان المعرض وتاريخه ووزعها على كل من يعرف ومن لا يعرف هو واصدقاؤه
وطبعا ملك اعتبرت نفسها مندوبة مبيعات وانطلقت تخبر الجميع ان: المعرض ده بتاع ابلة سلمى ولازم كلكم تروحوا هناك عشان تاخدوا الهدوم ببلاش
تناولت سلمى افطارها على عجل وتركت اباها يقرأ القرآن ويستعد لصلاة الجمعة بعد ساعة وامها تجهز الشاي وتدعوها لتناوله فرفضت سلمى وهى تجمع شعرها الاسود الطويل وترتدى طرحتها: مفيش
وقت يا ماما انا اتأخرت جدا زمان البنات كلهم هناك بيجهزوا كل حاجة وزمانهم بلغوا المباحث تدور عليا
فألحت عليها امها: يابنتي انتم جهزتوا اغلب الحاجات من امبارح الجامع مفيش 5 دقايق وتوصليه اشربي كوباية الشاي بتاعتك وخدي السندوتشات دي علشان ما تجوعيش هناك
فابتسمت سلمى معترضة: هو انا ياماما طالعة رحلة لجنينة الحيوانات؟ سندوتشات ايه بس؟ ما تقلقيش نفسك انتى ياقمر وكل حاجة ح تكون تمام ان شاء الله
فضحك اباها بعد ان ختم قراءته للقرآن وقال لزوجته: سيبيها ياام خالد علشان ما تتأخرش.. وخدي ياسلمى الفلوس دي لو حبيتي تشتري حاجة.. ربنا يفتحها في وشك ويجازيكي خير يارب
قبّلت سلمى يد ابيها وانطلقت خارجة وأمها تنظر لها بحب وهى تقول: ربنا يكرمها.. اول مرة اشوفها فرحانة ووشها منوّر كده
*******
وصلت سلمى لقاعة المجمع الخيرى الملحقة بالمسجد لتجد شيماء وصديقاتها يجهزن الملابس لعرضها وكالعادة اخدت دش بارد من شيماء على تأخرها ولكنها وعدتها ان كل شىء سيكون مجهز قبل
الصلاة باذن الله
وانهمك الجميع فى الاعداد حتى اصبحت الملابس كلها معلقة فى صفوف طويلة فى شماعات انيقة ومقسمة الى ركن للأطفال وآخر للرجال وآخر للنساء وهكذا.. وبدت الملابس تنافس الجديدة من فرط
نظافتها والجهد المبذول فيها من اصلاح وتنظيف وكي وتغليف.. وأذنت الجمعة فذهبت الفتيات لحضور الخطبة والصلاة فى مسجد النساء ثم بعدها رجعن وفنحن القاعة مرة اخرى انتظارا للقادمين
دق قلب سلمى وعيونها معلقة بالباب تترقب اول قادم ومرت دقائق وهى تتلو ايات القرآن حتى دخلت امرأة ومعها طفلتها ويبدو عليها الفقر ورقة الحال ثم توجهت الى ملابس الاطفال ونظرت قليلا ثم ظهرت
عليها خيبة الأمل واتجهت الى باب الخروج فجرت اليها سلمى وهى تسألها عن سبب انصرافها فقالت لها المرأة: انتوا بتضحكوا علينا يابنتي؟ ولاد الحلال قالوا لنا ان ده معرض للهدوم القديمة قلت آجى أجيب حاجة لبنتي الغلبانة تسترها.. اقوم الاقيها هدوم من بتاعة المحلات؟ احنا غلابة يابنتي وعلى باب الله ما نقدرش ندفع فلوس
فأمسكتها سلمى من يدها وهى تبتسم لها: لا ياستي ما تخافيش الهدوم دي ببلاش احنا موضبينها علشان تليق بالقمر بنتك خدي اللى انتي عاوزاه كله
فدهشت المرأة ولمعت عينها بالدموع وهي تقول: معقول؟ طيب قولي والله؟ بجد دى هدوم مستعملة؟ دي زى الفل!! ده احنا قبل كده كنا بناخد الهدوم وكلاها العتة ودايبة وكنا بنقول اهى حاجة تسترنا من
البرد والسلام.. اول مرة اشوف هدوم حلوة كده.. تصدقي ان دي اول مرة بنتي من يوم ما اتولدت تلبس حاجة مش دايبة ولا مقطعة؟ ربنا يسعدكم ويريح قلبكم يارب العالمين
حبست سلمى دموعها وهى تقود المرأة لتختار لها ولابنتها الملابس المناسبة وانصرفت ولسانها لا يتوقف عن الشكر وابنتها تتراقص بثوبها الجديد وحذائها اللامع الذى اقسمت الا تخلعه حتى وهي نائمة
*******
وتوافد الفقراء وتكرر السؤال والدهشة عن الملابس هل هى جديدة ام مستعملة؟ وتحولت قلوب الفقراء من الانكسار الى السعادة باقتناء شىء قيم بالنسبة لهم.. وهم لا يعرفون ان هذه الملابس تخزن
بالسنوات فى خزانات آخرين لا يستعملونها ولا يريدونها ولا يريدون اعطاءها لغيرهم
وتغيرت الوجوة البائسة الى وجوه تكسوها السعادة والفرحة والاطفال الصغار الى القفز من فرط السعادة والرغبة فى ارتداء الملابس الجديدة بدون انتظار وامتلأ المكان بقلوب شاكرة لم تذق السعادة من
سنوات.. وايادي كثيرة ترفع يدها بالشكرلله على نعمته وستره.. واطفال تلهو وتضحك وهى لم تر الا الشقاء من يوم مولدها
نظرت سلمى حولها وهى لا تكاد تصدق ما تراه وعيونها تلمع من دموع السعادة وتود لو تسجد لله شكرا على ما اعطاها من فضله انه استخدمها لاسعاد الفقراء

*******
ووسط ماهى تشعر به وجدت يد صغيرة تمسك يدها ففاقت من افكارها فوجدت طفل صغير وسيم عمره نحو 5 سنوات مستدير الوجة وعيونه تحمل ذكاء شديد وشعره فاحم السواد والنعومة.. أنيق
الثياب ويحمل معه كيس به بعض الأشياء.. جذبها من يدها وقال لها بثبات: انا اسمي حمزة اسمك ايه يا طنط؟
فتعجبت سلمى من جرأته وأعجبت به وابتسمت وقالت له: اسمي سلمى أاي خدمة يا أستاذ حمزة؟
فرد عليها بثبات: انا كنت باصلي الجمعة مع بابا ومعايا كيس اللعب القديمة بتاعتي كنت ح احطه فى الجامع عشان الاطفال اللى مش عندهم لعب ياخدوه.. لقيت انتم بتوزعوا حاجات كتير قلت عشان ربنا
يحبني اديكم اللعب بتاعتى علشان أدخل الجنة ..اصل بابا قال لى ان اللى يدّي الاطفال التانيين حاجاته يدخل الجنة.. عارفة ياطنط الجنة دى فيها شيكولاتة ومراجيح ولعب وكل حاجة
فضحكت سلمى من كلامه واحبت اسلوبه البرىء الذكي وشعرت انه دخل قلبها بدون استئذان وقالت: طبعا يااستاذ حمزة احنا متشكرين جدا على لعبك الجميلة ولو عندك اى حاجة تانى تجيبهالى وانا ح احطها في
المعرض اللى جاي وعلى فكرة فى اطفال هنا ايه رايك انك تيجى تديهم اللعب بنفسك ح يفرحوا اوى وح تبقوا اصحاب
وأمسكت بيده واخذته ليوزع اللعب على الاطفال الفقراء الموجودين وتحول المكان الى مهرجان والأطفال يكادوا يطيرون من فرط السعادة بالملابس واللعب التى حصلوا عليها

وما ان انتهى حمزة من توزيع اللعب حتى التفت الى سلمى وقال لها: لو سمحتي ياطنط قوليلي اجيب لك الهدوم اللى بقت صغيرة عليّ فين؟.. وكمان ممكن اجيب لك هدوم عمتو سناء وبابا
اعطته سلمى ورقة بعنوان شقة شيماء وسألته: آدي العنوان ياسيدى انت ممكن تيجى انت وماما ياحمزة مش كده؟
فرد بصوت خفيض: لا ياطنط.. ماما راحت الجنة وانا بادّي الاطفال الحاجات دي علشان اروح لها الجنة انا كمان
انقبض قلب سلمى وضمته اليها بحنان كبير وقالت له: خلاص ياحمزة احنا بقينا اصحاب لازم اشوفك تاني.. اتفقنا؟
فرد بعيونه الجميلة: اتفقنا ياطنط سلمى.. ده وعد رجالة.. والتفت حوله لينادى على رجل فى منتصف الثلاثينات طويل وسيم كان يستند بظهره الى الحائط يرقب ولده وينتظره حتى ينتهى من توزيع لعبه
ثم تقدم الرجل نحو حمزة وسلمى وقال لها بأدب واضح واستحياء: انا أسف لو كان حمزة تعب حضرتك.. هو بيحب يتكلم كتير.. وهو صمّم انه يشيل لعبه بنفسه ويجيبها هنا لما سمع عن المعرض.. وان
شاء الله نجيب حاجات تانية كتير.. السلام عليكم
وأخذ ولده وانصرف وعيون حمزة معلقة على سلمى التى لم يكف قلبها عن النبض لسبب لا تعرفه



حس حس عم عم المتعة والفائدة



يوميات أسرة مصرية جداً
الحلقة الخامسة عشـرة: سنـــــــاء






استيقظ أحمد والد حمزة على اصوات صاخبة لأكواب تتحطم فى المطبخ.. انتفض من سريره ليرى ماذا حدث؟ ليجد ابنه الصغير حمزة وهو يقف على كرسى صغير وهو يحاول ان يلتقط كوبا ليصب فيه الحليب وكالعادة حدث الدمار اليومى المتوقع
هم ابيه بتوبيخه ولكنه توقف لما رأى نظرة الأسف والخوف فى عيون حمزة فضمه اليه وهو يلومه: ليه يا حبيبي ماصحتنيش علشان أحضرلك الفطار؟ انت كان ممكن تجرح نفسك
فرد حمزة: انا اسف يابابا انا حبيت اسيبك ترتاح اصلك كنت نايم تعبان خالص
قبّله ابوه وهو يقول له: ولا يهمك يا كابتن.. يالاّ نحضر الفطار سوا
جمع شظايا الزجاج بحذرثم بدأ فى تحضير الافطار وحاول البحث عن اطباق نظيفة بلا جدوى فقد كانت مستقرة كلها فى قاع الحوض فى انتظار من يحنو عليها ويغسلها
فاكتفى حمزة ووالده بكوب من الشاي وبعض الكورن فليكس لحمزة توفيرا للوقت والمجهود.. ثم خرجوا الى الصالة فى محاولة لتناول الافطار فى مكان مرتب بلا جدوى فقد كانت فى حالة من الفوضى وكأن هتلر مر بجيوشه بها منذ قليل
*******
تذمّر حمزة من الفوضى وقال لأبيه بعتاب: مش كنا جبنا شغالة تعيش معانا يابابا بدل الهيصة دى كلها؟ انا بلاقي هدومي تحت السفرة او فى المطبخ
فرد أبوه: ازاى بس نجيب واحدة ست تعيش معانا واحنا اتنين رجالة بشنبات كده؟ ده حرام ياعم حمزة! وبعدين ماهي عمتو سناء حتيجي بعد صلاة الجمعة ومعاها شغالتها وح تنضف البيت وتعمل لنا اكل كمان
فقفز حمزة قفزة مفاجئة وهو يهتف: هييييه عمتو سناء.. عمتو سناء!! انا مستنيها من امبارح.. انا حكيت لها على المعرض اللى رحناه الاسبوع اللى فات ووعدتنى انها ح تطلعلي هدوم قديمة من تحت السرير بتاعنا وكمان ح تجيبلي هدوم من عندها وح تيجى معايا لطنط سلمى.. يارب عمتو ما تتأخرش يارب يارب
فقفزت الى ذهن أحمد صورة سلمى الهادئة الجميلة بطيبتها وصدقها وهى تلعب مع الاطفال.. وهي تحتضن ابنه بحنان حقيقي حتى قبل ان تعلم بوجود أبيه فى نفس المكان.. ذكّره حنانها بزوجته الراحلة التى اختطفها المرض المفاجىء من بينهم لتترك ولدا يتيماً وبيتا فارغاً وزوجا حائراً لا يعلم كيف يحتضن ولده ويرعاه كما كانت تفعل
قطع أفكاره صوت اذان الجمعة ليقوم هو وولده الى المسجد لاداء الصلاة.. ثم يعود ليجد اخته سناء ومعها الشغالة التى يبدو عليها كل اسبوع التبرم من اثار العدوان الثلاثى الاسبوعي الذى يخلفه حمزة وابيه فى الشقة.. ولا تبتسم الا عندما يجزل لها احمد العطاء كي تحن عليهم ولا تتركهم وكان يعلم انها تستغل موقفهم هذا وتأخذ ضعف ما تستحق ولكن ما باليد حيلة
*******
دخل الى أخته سناء المطبخ ليجدها تبدأ فى اعداد طعام الاسبوع له هو وحمزة فقبلها وهو يشعر بالاحراج من ارهاقها الواضح وهم يهمس: معلش يا سناء تاعبينك معانا دايما وانتى مش ناقصانا كفاية عليكي ولادك وبيتك
فترد عليه بطيبة واضحة: عيب عليك يااحمد ما تقولش كده هو انا بقيت غريبة ولا ايه؟
رد بحرج: لا ازاي ياحبيبتي هو احنا لينا حد غيرك؟ بس كفاية عليكي تعب ولادك وبيتك وانا عارف كمان ان جوزك زهق من زياراتك لينا وانك بترجعي تعبانة من عندنا
فترد بسرعة: يا خبر ابيض اوعى تقول كده تاني احسن بجد أزعل منك.. ماهو انت لو تسمع كلامي وتتجوز واحدة بنت حلال كنت ريحتني واطمنت عليك انت وحمزة
فرد بشرود: ياااه !! اتجوز؟ واجيب لحمزة مرات اب؟ الله اعلم ح تعامله ازاي وحتكون حنينة ورحيمة بيه ولا لأ؟ عارفة لو كنت لوحدي ما كانتش فارقة لكن انا صعبان عليّ بهدلة الولد لأني مش عارف أربيه زي ما كنت اتمنى.. ولا حتى عارف اقعد معاه كتير لأن شغلي واخد كل وقتي زى ماانتي عارفة.. اجيب بقى بنت الحلال دى منين؟
غمزت اخته بعينها وهي تقشر البطاطس: والله خلىّي حمزة هو اللى يخطبلك.. الاطفال مشاعرهم لا يمكن تكذب
فلم يفهم تلميحها وسألها : تقصدي مين؟
فابتسمت وقالت : ياسيدى ابنك قالب دماغي بقاله اسبوع على طنط سلمى اللي شافها فى المعرض الخيرى وقال لي انها حبته اوي وطلبت منه انه ييجي يزورها وانا حسيت من كلامه كده انها حنينة وصغيرة كمان فى السن واكيد مش متجوزة لأنها عاملة معرض خيري يعنى غالبا ما وراهاش مسئوليات زي حالاتنا.. خليني اشوفهالك مادام الولد اتعلق بيها بالشكل ده
فابتسم اخوها بحنان: خلاص بقيتي سناء كولومبو؟ قوام عرفتي انها انسة ومش متجوزة؟
ردت بخفة دم: بذمتك انت فيه واحدة متجوزة تبقى رايقة وعسولة وتقعد تلعب مع الولاد كده؟ دي مش بعيد لو كانت متجوزة تاكل العيال من الغلب اللي شايفاه من ولادها فى البيت
ضحك بصوت عالي وسألها: ولنفترض ياستي انها مش متجوزة حترضى تتجوز واحد ارمل وعنده كمان طفل؟
فتقمصت شخصية الخاطبة وهي ترد عليه: والله النصيب بالله بس احنا نسعى.. المهم هي حلوة؟ وعندها كام سنة وشكلها كده بنت ناس ولا ايه ظروفها؟
وجد نفسه يتحدث باعجاب وهو يصفها لأخته: والله هي وشها مريح وواضح عليها الطيبة والحنان لو تشوفيها وهي مع الاطفال الايتام تقولى عليها ملاك.. ولبسها محتشم مش زي بنات اليومين دول وعمرها فى اواخر العشرينات تقريبا
أطلقت ضحكة عالية وهى تصفق بايديها: الله الله!! واضح انك ما اخدتش بالك منها خالص!! على العموم صلّي كده استخارة وانا ح اخد حمزة وناخد معانا شوية هدوم مش محتاجينها وأشوفها من قريب واجس نبضها وربنا يعمل اللي فيه الخير
تساءل بدهشة: حتروحي تشوفي واحدة احنا مانعرفش اي حاجة عنها ولا عن اهلها معقولة دي؟
ردت بنفاذ صبر: هو ده معقول؟ انا مش ح انام النهاردة الا لما اعرف كل حاجة عنها وعن اهلها ولو اي حاجة ما عجبتنيش مش ح اتكلم معاها فى اي حاجة خاصة.. وبعدين شفتنى جبت المأذون على الباب؟.. ياساتر يارب على الرجالة يوقّفوا المراكب السايرة
*******
ثم اخذث رقم تليفون شقة شيماء المدون فى الكارت الذي أعطته سلمى لحمزة.. وأخذت تنتظر الرنين
ردت عليها والدة شيماء لتخبرها ان البنات انصرفن.. فلم تيأس سناء وطلبت منها رقم تليفون سلمى وأخبرتها انها تريدها فى امر هام.. فأعطته لها ثم انهت المكالمة.. ثم اتصلت ببيت سلمى لتجد صوتا مريحا يرد عليها فى التليفون وكانت هي سلمى نفسها فعرفتها سناء بنفسها بأنها عمة حمزة
دق قلب سلمى بعنف من المفاجأة وهى ترد بارتباك: اهلا اهلا وسهلا ازي حمزة عامل ايه؟ ده وحشني اوي
فردت سناء: وهو كمان بقاله أسبوع مالوش سيرة غيرك وكان نفسه ييجي يشوفك.. ممكن؟
فردت بارتباك: اه طبعا اهلا وسهلا.. بس
ففهمت سناء حيرتها وقالت لها: ما تقلقيش انا اللي ح اجيبه واجيلك.. أصلي عندي هدوم كتير لولادي وفرصة انكم بتجمعوهم ربنا يجازيكم خير.. ممكن اجيلك بكرة بعد العصر؟
ذابت سلمى من الخجل وهي تهمس: تشرفي يامدام سناء
ثم انهت المكالمة بعجل وهي تكاد لا تشعر بقدميها من الارتباك والفرحة فى آن واحد
هل ما شعرت به فى الايام الماضية لم تشعر به وحدها؟
هل يكذب عليها قلبها؟
هل تبتسم لها الايام اخيرا؟
ام ان الاوهام قادتها الى بعيد؟
هل.. هل.. هل...... غداً ستعلم كل شىء
وما ابعد الغد..

*******

يـ تـ بـ ـع..

هناك 5 تعليقات:

عاشــــــ النقاب ـقــــة"نونو" يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...

شكراً الرسالةجداً مؤثرة

الخنساء يقول...

السلام عليكمورحمة الله وبركاته
القصة جميلة جدا وياريت باقى الحلقات
يا ترى أم سما وحلا عندها فكرة لى زى سلمى
بس انا كمان اكبر من سلمى 3 شويات ولسه فى قائمة الانتظار
وحأموت من الاحباط والفراغ

غير معرف يقول...

جمبلة اوى اليوميات دى بس ياريت تمل لانى مستنياها بقالى كتييييييير اوى وتسلمى ياقمر عليها