الدكتوره جيهان النمرسى .. المستشار النفسى للمجموعة بقناه دريم 2 جزء من لقاء مصروف الطفل


29‏/07‏/2008

يوميّات أسرة مصرية جداً ج 6 الى 10

يوميّات أسرة مصرية جداً
الحلقة السادسة: داخلة على التلاتين






قالت سلمى
:
ما نمتش لحظة واحدة طوال الليل من شدة القلق
عريس؟! على طول كده؟ ده احنا ما قعدناش في الفرح ساعتين؟ والبنات كانوا عاملين عمايل في نفسهم رهيبة.. ليّا أنا؟
مش عارفة ليه مش مطمئنة للحدوتة دي
ذكرياتي مع العرسان كلها نكد.. ايّ واحد طهقان من عيشته او عاوز ينكد على بنات الناس كان بيجيلي!! وخصوصا ان طلباتي متواضعة جدا وكمان أهلي مش ماديين ويهمهم انهم يفرحوا بيّا مع عريس طيب ويتقي الله في بنتهم.. لكن ما شاء الله كل اللي اتقدمولي فيهم عيوب قاتلة.. اللي ماعمره ما صلّى الا في المناسبات والاعياد الرسمية!! واللي عاوز يتجوز على مراته بدون اي أسباب!! واللي شخصيته بشعة وغاية في التسلط عاوزني اقطع علاقتي بكل الكون بما فيهم أهلي لو أمكن.. وممنوع الزيارات والاجتماعيات بكل انواعها.. يعني جواز مع الشغل والنفاذ
يعني بصراحة حاجة تخلّي اي واحدة في الدنيا تكره كلمة عريس وما يتبعها من الفرجة والزيارات المحبطة التي تنتهي دائما بكسرة قلب.. هو قلبي طبعا
*******
سمعت صوت ماما يناديني: يالاّ بقى ياسلمى قومي من السرير.. احنا ورانا حاجات كتير ح نعملها ياعروسة
رددت على ماما باحباط: عروسة؟ بذمتك ما زهقتيش من الحدوتة دي ياماما؟ خلاص بقى كبّري دماغك
دقت على صدرها: اكبّر دماغي؟ ليه هو انتي وحشة ولا انا نشرت لك اعلان اريد زوجا؟ ماهي ام العريس هي اللي شافتك في الحنة وطلبت انها تيجي هيّ وابنها علشان يقابلونا.. أنا مالي بقي؟ نقول للنصيب لأ؟
جاوبتها بمكر: بذمتك يا جميل انتي ما حطيتيش شوية البهارات بتوع الامهات؟.. زي: دي بنتي دي زي النسمة تتحط على الجرح يورم.. دي ست بيت لهلوبة تنضف ولا الفليت.. ده كان كلينتون شخصيا طالب ايدها واحنا اللي ما وافقناش.. صح ولا لأ؟
احمر وجه ماما وارتبكت كالأطفال ولم تجد مخرج الا من استخدام سلطاتها كأم بالشخط فيّا: ياسلام عليكي يارايقة.. يالاّ عاوزين ننضف البيت قبل الناس ما ييجوا ولاّ الفلبينية بتاعتنا هي اللي ح تنضف البيت؟

*******

مش عارفة ليه كل واحدة بيجيلها عريس بيحصل تار بينهم وبين فرش البيت؟ هاتك ياخبط ورزع وتنفيض ومسح وتتحول العروس المنتظرة الى زوبة الشغالة!! كأن العريس ح يبص تحت السجاد يشوف الارض ممسوحة ولا لأ؟ ما كفاية التنظيف اليومي العادي وخلاص؟
حيلي اتهد خلاص انا وماما في مسح وتنظيف الشقة.. وبعد أن أخييييرا انتهينا وظهرت عليّ بوادر الكساح المبكر.. بدأت ماما في القاء الاوامر يمين وشمال الى كل من في البيت
خالد.. روح هات الجاتوه والحاجة الساقعة بسرعة.. خلينا نستفيد منك مرة واحدة لله
ملك هانم.. روحي لطنط ليلى اللي فوقينا وقوليلها ماما بتسلم عليكي وبتقولّك عاوزين طقم الكاسات المدهب.. واوعي تكسريه لأرميكي من البلكونة
وانت ياابو خالد.. روح هات لنا فاكهة من عند الفكهاني اللي على الناصية أحسن ابنك بيقف زي البيه ويجيب كل الفاكهة مضروبة.. مش عاوزين نتكسف قدام الناس
وانتي ياسلمى قاعدة كده ليه؟ قومي شوفي حتلبسي ايه؟ وبلاش طقم الميّتين البني اللي انتي بتحبيه.. اصل ام العريس أروبة اوي
واندفع كل واحد من أفراد الكتيبة لأداء المهمة الموكلة اليه من الجنرال مانجر الست ماما.. الا انا.. كان جسمي مهدود من علقة التنظيف وكنت متأكدة اني اول ما ح ادخل اوضتي ماما ح تندهني لأي سبب من الأسباب
وفعلا..
ما تنسيش ياسلمى تطلعي مفرش السفرة اللبني اللي في الرف اللي فوق في الدولاب وتفرشيه.. واغسلي الورد احسن يقولوا جايبينه من القرافة!! وطلعي طقم الشاي الصيني بتاع الضيوف واغسليه و
قلتلها: الاّ صحيح ياماما هم العرسان ما بيشربوش الشاي في الكوبايات ليه زي بقية مخاليق ربنا؟ لازم في الفناجين؟ ده انا بيتهيألي انهم بيعملوا الفناجين مخصوص في الاطقم الصيني علشان العرسان
ردت بضيق: انا مش باخد منكم كلكم الا وجع القلب.. يالاّ يابنتي ورانا مية حاجة قبل ما الناس ييجوا!! علشان خاطري يا سلمى لو لقينا العريس كويس نتكل على الله على طول
رددت بقلق وتعب: ياماما ما تقلقيش انا كمان تعبت من حدوتة العرسان الخايبة دي.. كل واحد ييجي يتفرج عليّا شوية ويسيبني.. وياريت في حد فيهم كويس كنت اتجوزت وخلصت.. لكن على يدّك كلهم بسم الله ما شاء الله ينفعوا يروحوا الاصلاحية.. والناس بتتهمني اني انا اللي بارفض العرسان لحد ما كبرت.. طيب لو كان واحد فيهم بس فيه عشرة في المية من احلامي كنت اتجوزته علشان اخلص من كلام الناس والسنتهم اللي عاوزة قطعها.. ده انا حتى بطلت احلم ولا احط مواصفات للانسان اللي ح اتجوزه.. خلاص مابقاش من حقي وانا داخلة على التلاتين.. دي البنات زي الرز وأصغر وأجمل مني.. انا بقي اللي حاقعد واتشرط؟ على ايه يعني.. لا انا ملكة جمال ولا ابويا وزير ولا عندنا عزبة ولا عمارة.. ما تقلقيش ياماما اللي زيي مش من حقها تدلع ولا تتشرط.. حتى الحق ده ضاع مني خلاص
واحتضنتني امي عندما اجهشتُ بالبكاء وبكت هي الاخرى
عوّضني حضنها الدافىء عن قسوة الناس ومرارة الافتقاد الى كتف رجل ألقي عليه همومي.. وردّت من بين دموعها: اوعي اسمعك تقولي كده تاني.. ده انتي ست البنات.. وبعدين لسه نصيبك ماجاش.. ده مكتوب اسمه عند ربنا من قبل ما تتولدي.. بكرة اشوفك احلى عروسة في الدنيا.. وبعدين ياستي ما تقلقيش اوي ما فاتكيش كتير.. انتي مش شايفة ابوكي واللي عاملة فينا؟ اهي الرجالة كلها واحد!! نصيحة من امك غمضي عينيكي واتجوزي.. كلهم زي بعض وقولي يارب
ابتسمت وهي تمسح دموعي وانا لا اريد ان افارق حضنها وكأني جنين سأموت لو تركته
*******
جاء بابا وهو يحمل الجاتوة والحاجة الساقعة فتعجبت ماما وسألته: إيه ده.. انت اللي جايبها؟ امال خالد فين؟
رد عليها قائلاً: قابلته خارج من الحلواني.. أخدت منه الحاجات وبعته يشتري هوّ الفاكهة علشان رجلي تعباني اوي
فصرخت ماما: انا مش قلتلك اشتري انت؟ البيه ده حيجيب لنا مربى فاكهة مش فاكهة.. وحنتفضح قدام الناس
تمتم بابا بكلمات ساخطة ودخل غرفته وترك ماما تغلي وتقول: ايه الغلب ده؟ لا يمكن انتفع بحد منهم أبدا.. آه ياقلبي يااانا
وقبل ان تفيق من الصدمة جاءت ملك تحمل الكاسات المدهب وعدّتهم ماما فوجدتهم خمسة فقط فسألتها: هي طنط ليلى ادتك الطقم ناقص ولا ايه؟
فردت ملك بثقة: لا ياماما هي الاطقم الجديدة 5 بس
فعرفت ماما انها كسرت كأس منهم.. وهمّت أن تجري وراء ملك التي فرت كالزئبق الى الشارع وهي تصرخ: هو كل عريس بعلقة يا ربي؟
أخذت أهدىء من ماما قبل ان تأتيها بوادر شلل مبكر من السيرك المسمى بأسرتنا المصونة.. ونظرتُ الى الساعة فوجدت لم يتبقى الا ساعة ونصف ويأتي العريس وأمه.. دق قلبي بعنف وأخذت أنظر الى عقارب الساعة وهي تتحرك وكأنها تحمل معها مصيري


حس حس عم عم المتعة والفائدة


يوميّات أسرة مصرية جداً
الحلقة السابعة: العريـس جـه






قالت سلمى
:
جلستُ في غرفتي بعد ان غيرت ملابسي وارتديت الطقم الجديد.. اللي ماما دافعع فيه الشىء الفلاني!!.. واحترت هل أضع ماكياج أم لا؟ في العادة انا لا أضع الا قليلا ولكن فعلا انا نفسي الجوازة دي تكمل بأي شكل.. يعني هي ح تكمل بالماكياج يا سلمى؟ ما تعقلي كده
قررت أن أضع ماكياج خفيف جدا فقط يخفي الهالات السوداء تحت عيني من قلة نومي بالأمس
ياسلام لو دي تكون آخر مرة أتعرض فيها للمسرحية دي ويكون فعلا هو ده العريس المنشود اللي المواصلات أخّرته شوية!! ربنا يجعله آخر العرسان
هو كل اللي سمعته عنه كويس.. محاسب اسمه مجدي وعمره 36 سنة وعنده شقة في بيت أهله
يعني مالكيش حجة ياست سلمى وسيبك بقى من حواديت البنات الفارغة: أصله قصير اوي..اصلع فلّة!.. فتحات مناخيره مش مريحاني!.. طوييييييييييل أوي والجزء التاني منه نازل في الاسواق قريب
المهم الشخصية والتديّن والاخلاق وحتى لو كان غتت شوية.. على رأي ماما غمّضي واتجوزي.. كلهم زي بعض في الآخر
اتأخروا نصف ساعة وأخذت أنتظرهم من وراء شباك اوضتي أحسن يكونوا غيّروا رأيهم وفلسعوا يا رجالة
وأخيييييرا لمحت الست والدته وهي تنزل من عربية ميكروباص أمام منزلنا.. ايه ده مش يركبوا تاكسي؟ ومعها انسان طويل وعريض ولابس بدلة كحلي
أكيد هو المغفور لشبابه العريس.. شكله من بعيد كده كويس طول بعرض بارتفاع على رأي عادل امام عريض المنكبين شلولخ!! آدي اول حاجة تفتح النفس.. ربنا يستر
وجاءت رويتر البيت ملك هانم وهي تزف البشري والدم يتقافز من وجنتيها وقالت وهي تلهث: العريس جه ياابلة سلمى.. ده كبير وطويل اوي.. على فكرة عاوز له سلّم علشان أسلّم عليه.. ماما بتقول لك هاتي صينية الحاجة الساقعة والجاتوة وتعالي بسرعة
*******
ذهبتُ الى المطبخ وانا اتمتم في تعجب: اشمعني العرسان اللي اول ما بيقعدوا بنلزق لهم الحاجة الساقعة في وشهم على طول؟ ما اي ضيف بيقعد شوية وبعدين يشرب حاجة
الظاهر ان دي طريقة تكتيكية من الامهات علشان العرسان ما تطفشّ بسرعة
حملتُ الصينية الميمونة ودقات قلبي مثل مزيكة حسب الله.. ودخلت الصالون لأجد ماما وبابا والعريس وأمه.. والحمد لله ماما لحقتني وأخدت مني الصينية قبل ما أوقعها على أم العريس وتبقي مصيبة من أولها
اهلا اهلا بعروستنا الحلوة.. ايه الجمال ده كله؟

قالتها أم العريس وكأنه أكلشيه محفوظ بتقوله كل الحموات في الحالات دي
أخيرا جلستُ.. وانا أكاد أذوب من الخجل وأنا أشعر أن كل العيون تتفحصني وتعاين كل مللي في جسدي.. وبالعافية اختلست نظرة الى العريس لأجده أضخم مما رأيته في الشباك حتى تقاطيع وجهه من الحجم العائلي! وعنده شنب ما شاء الله ماشفتش زيه في حياتي.. يعني لو اشتريت صقر مش ح احتار أحطّه فين؟
حاجة كده من الرجالة بتوع زمان الجامدين يعني لو شخط فيّا شخطة ح يبعتني السنبلاوين
وقعد بابا يستجوبه كالعادة ولاحظت انه بيرد بكلمة او كلمتين على الاكثر ويحمر وجهه وتلحقه الست والدته وتجاوب بداله.. ولما لاحظت تعجب بابا ردت بسرعة: أصل مجدي مش بيعرف يتكلم مع الناس كويس.. أصله بيتكسف
ومصمصت ماما على شفتيها من انسان الغابة اللي بيتكسف ده وسألتها: هو وحيد ولا ايه يا أم مجدي؟
فردت باشفاق: أيوة ياختي.. ده وحيد على أربع بنات ومن كتر خوفي عليه من الحسد ربيته زي ما ربيت أخواته البنات تمام.. ما يعرفش يروح ولا ييجي لوحده أبدا ولازم ياخد رأيي في كل حاجة حتى في أكله ولبسه.. انا اللي باختار له كل حاجة بنفسي.. لما انا نفسي ومُنى عيني اجوّزه علشان أرتاح من مسئوليته شوية
واصطبغ وجه عريس الغفلة بالحمرة.. وانقلب الوضع انا اللي باتفرج عليه وهو يمسح عرقه.. وبعدين قلت في بالي: اوعي تفركشي الجوازة ياسمسم.. اهو أحسن ما يكون شرس ويوريني العين الحمرا والبرتقالي كمان.. اهو اربّيه على ايدي
وكأن اجابة حماتي المصونة وقفت في زور بابا فسأل العريس: وحضرتك ما اتجوزتش ليه لحد دلوقتي يا أستاذ مجدي؟
فرد بخجل وتلعثم: أصل ماما ما وافقتش على العرايس اللي قبل كده!! ولاّ اقولّك اسألها حضرتك هي تقولك أحسن
التقطت امي الكلمة وتمتمت باستغراب: عرااايس؟
فأجابت أمه بكل ثقة: والله ما اكدبش عليكي انا خطبتله قبل كده 6 مرات.. مش عارفة البنات حصل لها ايه؟ مابقاش ينفع معاهم الراجل الطيب السكّرة.. زعلانين انه يعتمد عليّا في كل حاجة.. هو انا مش امه برضه ولا ايه؟.. طيب ده ابني دودو ده بالدنيا كلها.. لو أطول اني أخبيه جوا عينيا من الهوا الطاير كنت عملت والله
جلست أراقب انفعالات سوسن.. أقصد دودو.. يوووه عريس الغفلة!! وهو يراقب أمه بانبهار مثل الطفل الذي يراقب امه وهي تطبخ وكأنها تسوي الاعاجيب
آآآآآآه ياني ياخيبتك يا سلمى.. يعني اتجوّزه وأخلي أمه تختار لنا ح ناكل ايه النهاردة.. ماهي اكيد بتأكّله بايديها وكمان شقته فوقها في نفس العمارة يعني ح يرفع صباعه يستأذنها لو حب يقعد معايا في البلكونة بعد الشر ولا حاجة
تبادلت ماما نظرات خيبة الامل مع بابا الذي احمرت أذناه وارتفعت صفارات الانذار واستعد لهجوم أرض أرض على دودو ووالدته العزيزة
وانقذت ماما الموقف قبل أن يطلب لهم شرطة المسطحات ..وقالت على عجل لأم العريس وهي تنهي اللقاء الكارثة: والله شرفتونا اوي يا أم دودو!! بس ادينا فرصة نفكر ونرد عليكم وحاسبي على دودو وانتم ماشيين احسن يتكعبل ولا حاجة بعد الشر عليه


حس حس عم عم المتعة والفائدة


يوميّات أسرة مصرية جداً
الحلقة الثامنة: سلمـى الحقيقيّـة






قالت سلمى
:
تغير وجه بابا الى جميع الوان الطيف وهو يتحول الى قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار في وجه ماما بعد ما نزل عريس الغفلة وأمه المصونة وانتهت الزيارة التي كانت كارثة بالالوان الطبيعية وسكوب كمان
حاولت ماما الهروب الى غرفتها قبل ان يبلغ بابا عنها المعتقل وقالت لي بمنتهى البراءة وهي تتحاشي النظر اليه: انا ح أنام بقي يا سلمى علشان عندي شغل بدري.. تصبحي على خير
فانفجرت كل قنابل المولوتوف المخزونة في لسان بابا وأكيد سمعه الجيران في الشارع السابع وهو يصرخ: تصبحي على خير؟ رايحة فين يا سعاد؟ دي عملة تعمليها فينا؟ ايه الأشكال اللي انتي جايباها دول؟ حرام عليكي انتي مش قلتي انك سألتي الجيران عنهم وشكروا فيهم اوي؟ هو انتي عاوزانا نرميها؟
فتلعثمت ماما ولم تستطع الرد وقالت بصوت متقطع: ما انت عارف الناس يا ابو خالد مش بيقولوا الحقيقة في الحالات اللي زي دي.. وبعدين ح يقولوا عليه ايه؟ هو الراجل حرامي ولا نصاب؟.. دول ناس طيببين وعيلة محترمة.. هو بس واضح انه بيحب امه اوي.. يعني كمان ح يحب مراته اوي
انطلق الشرار النووي من عيون بابا وهو يجز على أسنانه: مراته مين ان شاء الله؟؟؟؟
لم تحتمل ماما ضغط وصراخ اكثر من ذلك وانفجرت باكية: انت بتعاملني كأني عملت جريمة ليه؟ حرام عليك.. انا نفسي أفرح بيها وما جبتش لها واحد مدمن ولا متجوز قبل كده ولا قتّال قتلة!! كنت ح اعرف شخصيته منين هو انا عايشة معاهم؟ وبعدين هو انت شفتنا جبنا المأذون؟ لو مش عاجبكم بلاش اعتذروا للناس وخلاص.. بكرة اموت وترتاحوا مني خالص
تحركت رقة بابا لبكاء حبيبة عمره وهدىء صوته وداعبها: اللي يمشي ورا الحريم يروح في... يعني انتي ترضي ان جوز بنتك يبقي اسمه دودو؟
ضحكت ومسحت دموعها قائلة: اهو أحسن مايبقي اسمه شمشمون ويقعد يزعق ويفرج علينا الدنيا زي ما انت عامل فينا
ابتسم لها والتفت اليّ بابا وهو يسألني: اتي رأيك ايه يا بنتي؟

*******
لا أعرف لماذا جرحني سؤاله؟
اي بنت طبيعية لابد ان ترفض هذا العريس ابو ببرونة!! ولكن يبدو انهم رغم رفضهم له هو وماما.. تاركين لي مساحة للقبول على اعتبار اني على مشارف الثلاثين ولا فرصة لي أفضل من هذا
ويبدو ان ام العريس ذكية انها اختارتني من وسط كل البنات الموجودين في الحنة لأنها تعلم اني لن أرفض ابنها عملا بنظرية: ضل راجل ولا ضل حيطة
لكن هل هذا رجل؟ لا يستطيع الكلام جملتيين متكاملتين؟ لا يكون له رأي عن أي شىء؟ يرفع اصبعه قبل ان يفكر؟
أي احترام سأكنّه له؟ أي حماية سيوفرها لي؟ أي رجولة سأستشعرها معه؟
باختصار سأتزوج أمه.. تتحكم فيّ وفي ابنها لأتخلص من لقب عانس ونظرات الناس التي لا ترحم
اختيار قاسي جدا
جزء مني يميل الى القبول للخلاص من دائرة الوحدة والعنوسة وسأستطيع ان أتحكم فيه كما أشاء ولن أعاني من تحكم الرجال وأنانيتهم المفرطة والتي تشكو منها كل الزوجات
ولكن لا.. لن أخالف شروط الله التي أقرها لنجاح الزواج وهي المودة والرحمة بين الازواج.. كيف اكنّ له اي مودة وأنا لن أحترمه اصلا بل سيكون بالنسبة لي مثل الغطاء الذي أحتمي به من عيون الناس ونظراتهم وأخرس ألسنتهم التي لا تهدأ
ولكني وحدي سأعلم عندما ينصرف الناس ان هذا الغطاء لن يدفّيني في برد الحياة ولن أستطيع ان الجأ اليه كحصني الوحيد.. سأجده غطاء مهلهل ملىء بالثقوب سيعريني أمام الناس وأمام نفسي وأتجمد وحدي في حرمان لا ينتهي
اتخذت قراري ورفعت رأسي وأجبت في هدوء: انا مش موافقة يابابا.. تصبحوا على خير
*******
دخلتُ غرفتي كي اهرب من نظرات الاشفاق التي لاحقتني من بابا وماما وغيرت ملابسي وتوضئت وصليت ركعتين شعرت بعدهما براحة كبيرة أراحت ذهني المشوش وجسدي المرهق
واستلقيت على سريري وأنا أفكر في كل حياتي
لماذا دائما أشعر اني في حالة انتظار دائمة؟ لماذا أعلق حياتي كلها على الزواج فقط؟ وهل ان لم يكن مقدرا لي أن أتزوج على الاطلاق هل سأظل طيلة حياتي في نفس حالة الترقب والتوتر والانتظار؟
الانسان يكون في أسوأ حالاته وهو منتظر اي شىء ويتأخر عليه حتى لو كان ينتظر تاكسي او اتوبيس!! تشتعل الحرائق في الاعصاب ويبدأ التوتر والمشاحنات.. فكيف أعيش وكأني دائما وأبدا في انتظار مالا يجىء؟
وهل النجاح يكمن في الزواج وحده؟؟ ان كان هذا فلماذا تحدث الطلاق والخيانات والمشاكل والانفصال؟
لابد أن يكون لي هدف آخر غير انتظار الزوج المرتقب.. أن يأتي او لا يأتي.. فكله قدر عند الله ولابد أن أرضي به.. انا لم أكن راضية قبل هذا.. كنت أقارن نفسي بقريباتي وصديقاتي وتظل دائرة المقارنات تتسع وتتسع حتى أتوه فيها وانسى من أنا؟
من هي سلمى الحقيقية؟

هل هي انسانة ناجحة؟

هل هي انسانة مميزة؟
ام انها تنتظر فقط صك الاعتراف بها كانسان متكامل امام المجتمع بدبلة ذهبية تضعها في يدها اليسري.. ووقتها لا يهم ان كنت ناجحة ام لا.. يكفي ان تكون زوجة فلان حتى وان كانت في غاية التعاسة والاحباط مع فلان هذا
أغمضتُ عيني وانا أشعر بتصالح مع نفسي لم أشعر به من زمن طويل وكأني أخيرا وجدت سلمى التي أبحث عنها طوال عمري


حس حس عم عم المتعة والفائدة


يوميّات أسرة مصرية جداً
الحلقة التاسعة: درس في المسؤوليّـة






قالت سلمى
:

إدّيني عش أمان وادّيك راحة وصراحة وضحكة حلال
لا أدري لم تذكرت هذه الأغنية القديمة وانا أقف في البلكونة في انتظار خالد اخويا.. يبدو اني كنت أهرب من القلق بالتفكير في شىء آخر بعيد جدا عن سبب وقوفي وانتظاري له.. يبدو اني أهرب من رؤيته قادما من بعيد بالتفكير في اي حلم صعب المنال
سألتني أمي من داخل المنزل للمرة الألف: أخوكي جه يا سلمى؟.. وأجبتها بنفس الاجابة: لسه ياماما.. وانا أتمنى ان أزيل قلقها باجابة أخرى
أخذت ماما اجازة اليوم هي ووالدي من عملهم كي يشهدوا هذا اليوم العظيم في حياة كل ام وكل اب.. كي يجنوا ثمرة تعبهم طوال العام مع ابنهم العزيز ويروا نتيجته في الثانوية العامة
لم ينم أحد منذ أمس من شدة القلق والتوتر باستثناء خالد بيه نفسه!! وصل شخيره الى شبرا
منتهى الهدوء والروقان!! وكأنها نتيجة انسان آخر من المريخ !! حتى وهو نازل صباحا لاحضار النتيجة من المدرسة رفض اصطحاب ابي له لأنه على ميعاد مع الشلة في المدرسة

هو أمر من الاثنين.. اما انه واثق جدا من النجاح أو يائس جدا.. ولأنه اخويا من زمان.. أعتقد انها الثانية
*******
لم تكف ماما عن سؤال والدي: تفتكر حيجيب مجموع كام؟ بيقولوا المجاميع عالية اوي السنة دي.. ربنا يستر ويجيب مجموع كويس.. هو صحيح في سنة تانية بس دي درجاتها اكتر من ثالثة.. وبعدين دي التربية بقت بتاخد فوق التسعين!! الله يرحم لما كانت بتاخد ستين في المية.. يعني لازم يجيب مجموع حلو علشان يدخل حاجة عدلة
نظر لها بابا باشفاق وقال: والله انتي متفائلة اوي يا سعاد.. طيب قولي ينجح الاول
خبطت على صدرها بجزع وقالت: ينجح بس!! قول كلام غير ده يا ابو خالد.. ده مموّت نفسه يا ضنايا طول السنة في المذاكرة.. دلوقتي ييجي ويفرحنا ان شاء الله
فأجابها بتضرع: يارب يارب
أشفقت عليهما من استهتار خالد ولا مبالاته ودعوت الله في سري الاّ يخيب أمالهما وكدّهما الطويل طوال العام من أجل تدبير مصاريف دراسته ودروسه الخصوصية التي لا تنتهي
قطع تفكيري صوت طرقات ضعيفة على الباب فقفزت امي من مكانها لتفتح ولم يجرؤ أبي على الوقوف من شدة القلق ليرى من القادم والذي كان اخي خالد
دخل مطرق الرأس صامت تماما ونظرات ابي وأمي تستحلفه ان ينطق وقلوبهم معلقة بكلمة واحدة ينطقها فيطفىء نار قلقهم وترقبهم الطويل ولكنه ظل صامتا صمت القبور فسألته امي في تضرع وقلق عاصف: عملت ايه يا حبييبي؟ طمنّا الله يرضى عليك
فأجاب بعد تردد طويل وصوته لا يكاد يظهر: انا سقطت في الكيمياء
شلّت الكارثة لسان امي وعجزت عن الكلام وانهارت على الكرسي ودموعها انسابت كالشلال وحزنها يكاد يمزق قلبها
أما أبي فأقعدته المفاجأة وعجز عن الكلام.. وشعرت وقتها بمعنى عجز الرجال.. ومعنى ان ينهار جبل حصين من تدمير فأر صغير
*******
هبط علينا جميعا وجوما وحزنا لا يوصف.. زاده أصوات الزغاريد التي بدأت في الانطلاق من بيوت الجيران فرحا بتفوق اولادهم وتكليل جهودهم بالتعب طوال العام
زادت اصوات الزغاريد من حسرة امي واحساسها انها الام الوحيدة التي لم تذق طعم الفرحة.. فعلى نحيبها وارتجفت من شدة الاحساس بالقهر والحزن حتى خشيت عليها فضممتها الى صدري محاولة اسكاتها فلم أستطع فبكيت معها
وأخيرا تكلم الاستاذ خالد ببرود يحسد عليه: انا اتظلمت!! انا حاطلب يعيدوا تصحيح الكيمياء تاني.. ده انا كنت مجاوب كويس جدا جدا.. الظاهر انهم بينجّحوا بمزاجهم
لم يحتمل ابي المزيد من استهتاره وبروده وهجم عليه كالأسد الجريح كي يضربه.. فأسرعت له لأمنعه عنه كي لا يقتله فصرخ بصوت كالرعد وهو يرتجف: بمزاجهم يا فاشل يامستهتر؟
وواصل هديره: تقدر تقول لي درجاتك في بقية المواد ايه يا سعادة الباشا؟
فأجاب خالد بصوت خافت: يعني حوالي 70في المية
فواصل أبي صراخه: 70%!!!! ماشاء الله ودول تروح بيهم ايه ان شاء الله؟ معهد السكة الحديد؟ حرام عليك ياأخي.. ده انا وامك موّتنا نفسنا طول السنة علشان نوفر لك ثمن الدروس الخصوصية اللي كنت بتاخدها.. دي امك الغلبانة دي باعت سلسلتها الوحيدة علشان تدفع لك مقدم درس الكيمياء اللي سيادتك سقطت فيها.. ياشيخ حرام عليك ده انت كنت مفروض تذاكر علشان بس اللي عملناه علشانك لو انت اصلا بتحس وعندك دم.. حسبي الله ونعم الوكيل فيك! يكون في علمك انا مش ح ادفع ولا مليم تاني للدروس الخصوصية بتاعة الدور التاني.. وان شاالله عنك مااتعلمت
مسحت امي دموعها ونطقت أخيرا معترضة على كلام بابا: كلام ايه ده يا ابو خالد؟ ازاي ما ياخدش درس في الكيمياء؟ طيب ما هو كده عمره ما ح ينجح؟ لا ما ينفعش الكلام ده وان كان ياسيدي على المجموع الصغير اهو فيه كليات كتير ومعاهد بفلوس ممكن ربنا يقدرنا وندخله واحد منها وياخد شهادته وخلاص
ارتجت حوائط البيت من صوت صراخ ابي وهو يقول: عليّ الطلاق بالتلاتة لو نطقتي كلمة م الكلام ده تاني لأخرج اجيب المأذون وتكوني طالق النهاردة.. آدي آخرة دلعك وطبطبتك عليه.. عمره ما ح يعرف ازاي يكون راجل ابدا
ثم وجّه حديثه الى خالد الذي امتقع لونه من شدة خوفه من بابا و كأننا نراه لأول مرة: بص يا ابني انا ما قصرتش معاك في اي حاجة.. لكن بعد كده أقسم بالله ح اعلّمك ازاي تكون راجل في حياتك.. وازاي تقدّر تعب الناس اللي حواليك.. وبكرة لما تكبر ح تعرف اني عملت فيك معروف اني خليتك بني آدم.. انت من بكرة الصبح ح تنزل كتبك وملخصاتك في الكيمياء وتذاكر لوحدك من غير اي دروس.. وبعد العصر ح تنزل تشتغل زي اي راجل.. انت خلاص ما بقتش صغير انك تاخد مصروف زي البنات.. وانا ح اكلملك الحاج سعيد صاحب المكتبة اللي في الشارع اللي جنبنا علشان تشتغل معاه في تصوير المستندات والكتابة على الكومبيوتر.. انا كنت بافكر في الموضوع ده من زمان.. علشان تعرف قد ايه الواحد بيتعب علشان يجيبلكم الفلوس اللي انت مستهتر بيها.. ولو ما وافقتش على الكلام ده الباب يفوّت جمل.. اخواتك اولى باللقمة اللي انت بتاكلها.. اتفضل مع الف سلامة
نظرت ماما اليه برعب وظنته يهدد فقط ولكن ملامحه الحديدية عرّفتها انه سينفذ كل كلمة من كلامه.. وحاولت النطق ولكن رعبها من تهديده ألجمها فصمتت وسالت دموعها من جديد
ذهب بابا الى التليفون طالبا الحاج سعيد صاحب المكتبة ودخل معه في حوار طويل ومع كل كلمة يزداد شحوب وجه خالد حتى انهي المكالمة قائلا: خلاص ياحاج الف شكر.. بكرة ان شاء الله ح يكون عندك من بعد العصر


حس حس عم عم المتعة والفائدة


يوميّات أسرة مصرية جداً
الحلقة العاشرة: أول يـوم شغـل






قال خالـد
:
لم أنم بالطبع طوال الليل من الرعب من فكرة والدي العجيبة وتصميمه على اني اعمل عند الحاج سعيد في المكتبة!! مش عارف هو جاب الفكرة دي منين؟
معقول ح اهون عليه اني اتبهدل كده ؟! أكيد يومين كده ولاّ حاجة وح اصعب عليه ويرجع في كلامه
أخرجتُ كل مذكرات الكيمياء وكانت نظيييييفة زي الفل كأن لم يمسسها بشر!! اذا كان ما نجحتش فيها وانا باخد درس ح انجح فيها ازاي دلوقتي؟
فتحت كل المذكرات وجلست على المكتب منتظر الست كونداليزا تيجي تخلصني من ظلم أبويا
رجعت ماما من عملها وأعدت هي وسلمى الطعام وترجوني لآكل قبل ان انزل الى المكتبة ولكن نفسي كانت مسدودة عن الدنيا كلها.. رفضت الغداء وسمعت صوت المفعوصة ملك بتقولّي: قوم كل يا أبيه خالد أحسن ترسى على سندوتش فول عند عم سعيد
قمتلها علشان أكسر دماغها ولكني اصطدمت ببابا قادما من عمله وصرخ في اول ما رآني: انت لسه هنا يا باشا؟ الساعة اربعة الا ربع.. يالاّ احسن تتأخر على الحاج
جريت على غرفتي ولبست بسرعة.. بس ما نسيتش أحط جيل على شعري برضه علشان البرستيج
طمأنت نفسي وانا في الطريق الى المكتبة ان الحاج سعيد راجل طيب وكل ما يشوفني يسلم عليّ بحرارة لحد ما يخنقني! يعني ان شاء الله يومين كده وح اصعب عليه وينتهي الحوار ده
*******
وصلت أخيرا المكتبة لأجد الحاج يقرأ الجريدة وسلم عليّ ولكن ليس بحماسه المعتاد.. وقال: شوف يا خالد يا ابني انا زعلان اوي من موضوع نتيجتك ده لأني عارف أد ايه والدك والست والدتك بيتعبوا عشان يعلموكوا ويخلوكوا أحسن ناس.. لكن على العموم أكيد حكمة ربنا خير في الموضوع ده وان شاء الله ترتاح معانا هنا.. وأحمد اللي بيشتغل هنا ح يعلّمك كل حاجة وربنا يكرمك ان شاء الله
قابلت احمد ووجدته في أوائل الثلاثينات وسلم عليّ ببرود وسط انشغاله بالزبائن العديدة وأمرني بمراقبته في تصوير الورق وطباعته وتقطيعه وتغليفه لأتعلم منه.. أخذت أراقبه لمدة ساعة والزبائن لا تكف عن التدفق الى المكتبة, احسست انه لابد كان بيعمل في سيرك قبل كده
هو لا يكف عن التحرك لحظة واحدة.. يصوّر لهذا 20 مذكرة ثم يجلس على الكومبيوتر ليطبع بعض الملفات وما ان ينتهي حتى يبدأ في قصة التغليف بأدوات حادة للغاية ولكنه يتعامل معها بمنتهى المهارة ويعامل كل الزبائن بمنتهى الادب حتى لو كانوا في منتهى السخف.. وما ان يجد دقائق لالتقاط أنفاسه يجلس على الكومبيوتر ليكتب بعض الملفات على برنامج الوورد
وما ان انتهى جاء ليعلمني بعض الأمور في التصوير والطباعة ولكني شعرت ان الأمر في غاية الصعوبة والارهاق معا.. ايه ياربي الغلب ده؟؟
وجاء أول زبون أمرني أحمد أن اتعامل معه وكان شاب في سني.. وبرضه حاطط جل هو كمان
لو سمحت يا كابتن صور لي المذكرة دي 5 نسخ بس بسرعة اصلي مستعجل جدا
حاضر يا عم المستعجل.. في سري طبعا
وبدأتُ في التصوير فظهرت اول صورة مائلة ولها ظلال سوداء من كل الجوانب قطعتها على الفور وصورتها مرة أخرى فظهرت أسوأ من الاولى.. نظرت الى احمد لينقذني من الورطة دي ولكني وجدته معه بعض الزبائن ووجدت الحاج سعيد يراقبني من بعيد.. ازداد توتري والشاب ينتظر ورقه بنفاذ صبر
حاولتُ مرة اخرى والحمد لله كانت جيدة ولكني نسيت ان اضع امر الطباعة لخمسة مرات فكررت الحدوتة عدة مرات.. ومنها ورق سىء كأنه خارج من فم قطة جائعة
نفد صبر الشاب وكلمني بعصبية: ايه ياعم؟ انت ح تصور الورق في سنة؟ انا مستعجل ياسيدي! انت اول مرة تشتغل هنا ولا ايه؟
هممتُ بالرد عليه الرد اللائق علشان أعرفه اني أحسن منه واني مش باشتغل عنده ولكن أحمد أنقذني في اللحظة الأخيرة وأخذ الأوراق وهدأ الشاب وانا أكاد أنفجر من الغيظ والاهانة واتمنى لو غادرت هذا المكان للأبد
*******
بعد مغادرة الشاب جاء أحمد لي وحدثني برفق: شوف يا خالد.. انا عارف انت جيت هنا ازاي لكن مش عارف انت واخد الموضوع على انه اهانة ليه؟ علشان انت طالب في الثانوية؟ طيب انا خريج كلية تجارة! وواخد كورسات كومبيوتر كتير.. ودخت على ما لقيت الشغل ده وبحمد ربنا ليل ونهار على نعمته لأن مليون واحد يتمنى وقفتك دي.. وبعدين انت لو كنت رحت اوروبا ولا امريكا في الصيف مش كنت ح تتمرمط هناك وح تيجي تحكي عن تعبك وبهدلتك بمنتهى الفخر؟ اشمعنى هنا يبقي عيب وحرام؟ بكرة تشوف حلاوة القرش اللي بتكسبه من عرقك وتعبك وازاي مش ح يهون عليك تصرفه في كلام فاضي.. يالاّ يا شيخ تعالي اوريك انت غلطت في ايه في التصوير علشان ما تكررهاش تاني
احسست بالهزيمة امام منطقه ولكني لازلت اشعر اني في المكان الخط.. ولكني ركزت هذه المرة في كلام احمد واستطعت تنفيذه مع الزبون التالي طبعا ببطء شديد جدا ولكن الحمد لله بلا اخطاء قاتلة
بعد حوالي 3 ساعات كدت أسقط من شدة الارهاق والتعب والجوع.. ياريتني اكلت معاهم وما عملتش نفسي ابو علي!!.. ولازال امامي 3 ساعات أخرى.. وتعجبت ان أحمد لا يكلّ ولا يتعب يبدو انه من سلالة زينة وهرقليز
*******
بمرور الوقت اعتدت الامر قليلا وأخبرني أحمد انه ممكن ان يجعلني اكتب فقط الرسائل العلمية على الكومبيوتر لو كانت خبرتي في الكومبيوتر عالية.. وأحرجت ان أخبره ان خبرتي فيه في الالعاب والشات فقط !!.. ولكني أخبرته اني سأتدرب على الاقل كي أرحم نفسي من الوقوف الرهيب لساعات وساعات
وأخيرا قارب اليوم على الانتهاء وانا اكاد ارقص اني سأعود للبيت لأنام زي القتيل.. حتى دخل مجموعة من الشباب يطلبون تصوير بعض الاوراق وهم يتحدثون ويضحكون بأصوات صاخبة.. حتى توقف اثنين منهم كانوا زملائي في المدرسة وحملقوا فيّ بشدة وصرخوا: وااااو!!! خاااالد؟!!!! انت بتشتغل هنا؟ معقووول؟
*******
يـ تـ بـ ـع..
بقلم: أم سمـا وحـلا

ليست هناك تعليقات: