الدكتوره جيهان النمرسى .. المستشار النفسى للمجموعة بقناه دريم 2 جزء من لقاء مصروف الطفل


15‏/07‏/2008

!!!الستّ المذيعة ومقاييس أخرى للثقافة


خرجتُ إلى الشارع أشبع هواية قديمة ، كنتُ نسيتها بحكم السنّ ، وبلوغ الأشدّ ، واكتمال الحُكم والعلم ، داعياً الله أن يوزعنى أنْ أشكر نعمته التى أنعمها علىّ وأن أعمل صالحاً ، واليوم ألحّت علىّ فلبيت نداءها ؛ إنها هواية التسكع أو تصفح الوجوه بعض الوقت ، وهبطتُ الشارع 0
الشارع ضيق طويل تتناثر على جانبيه عرباتُ الباعة الجائلين فتستر الدكاكين المتواضعة خلفها ، وتغطى الأرصفة فلا تترك موضعاً لقَدَم ، حتى إنّ المرور بينها يحتاج مهارةً خاصة ، بينما اختلطتْ أصوات البشر والدوابّ بأصوات السيارات المتهالكة والكاسيت التعيس فى مشهد هو العشوائية كلها 0
وفجأة ظهرتْ ، مرقتْ إلى الشارع كسهم تتهادى فى دلال ، يتطايرشعرها الغجرىّ فيصيب بالجنون كل ما حولها ومن حولها ، يسبقها فريق الإعداد ويتبعها فريق الإخراج وتحيط بها الأسلاك وتسير إلى جوارها فى بطْء سيارة رائعة كُتِب على جهاتها الأربع الأصلية ( التليفزيون ) وهى وسط هذا المهرجان واسطة العِقْد ودرّة التاج 0
ثم توقفت فى حركة مسرحية أمام طاولة أو ترابيزة أو طبْلية أو سمّها ما شئت المهم إنها مربّع خشبى يقوم على أربع ، ويعلو عن الأرض شبراً أو بعض شبر ، خلفها تجلس عجوز مسكينة ، فقََدَ جلبابها لونه الأصلى وبعض أجزائه فى معركته الأبدية مع عوامل التعرية التى يتعرض لها طوال النهار وطرفاً من الليل ، تزجى بضاعة من مادة واحدة - البلاستيك - أمشاط ومشابك شَعر وأخرى للغسيل والخ00
فاجأتْها الست المذيعة ( احْنا التليفزيون وده برنامج - عظماء صنعوا تاريخ الوطن - حنسألك سؤال ولو جاوبتى صح ليكى جايزة كبيراااه من البرنامج ) وانفرجت أسارير المسكينة وخرج من عينيها دعاء صامت ( افرجها يارب)
وسألت الست المذيعة العجوز المسكينة ( إيه أول فيلم للفنانة نعيمة عاكف ؟ وكان اسمها إيه فى الفيلم ؟ ) وأسقط فى يد العجوز ولمْ تجد الجواب واستنجدت عيناها بالمارة ممن توقفوا حول نجم المذيعة اللامع ، واستغاثت بأحدهم أن يرشدها إلى الجواب وما من مغيث ! ونظرت إليها المذيعة فى قرف بيّن نظرة جمعت فيها كل معانى السّخط على تلك التى أهملت تاريخ وطنها ، وفضلت تلك البضاعة البلاستيكية على قراءة تراث هؤلاء العظماء !
بينما غاضت الفرحة من وجه المسكينة وتأجّل فرجها إلى أجل غير مسمى ، أمّا الست المذيعة فقدْ اندفعتْ تكمل مهمتها المقدسة فى بعث التراث ونشر الثقافة فى سماء العشوائيات ، تسْرع فى مشيتها فلا تكاد الكاميرا تلاحقها وتبطئ فتلاحقها الأعين باحثة عن بعض التفاصيل 0
وفى حركة أخرى بديعة اعترضتْه فتوقّف تلمع قطرات العرَق على جبينه المتْرِب فتصنع عجينة من لون غريب ، يحتضن كيسَ الخبز فى حنان أمّ تحتضن وليداً طال انتظاره ، ولِمَ لا وهو ينتظره فى الطابور الطويل منذ الصباح ! نظر إليها فى بلاهة فسألتْه فى دلع ( حضرتك فاكر اسم العسكرى اللى كان واقف ورا الفنان العظيم اسماعيل ياسين فى فيلم - اسماعيل ياسين فى الجيش ؟ ) وسكت صاحبنا ولم يجبْ ، بينما تعالت الأصوات تذكر أسماءً لعل أحدها يصيب الهدف ولكن خاب الأمل ، ونظرتْ الست المذيعة إلى الجمْع التعيس فى حزن عميق على التاريخ الذى ضاع فى بحار الجهل وظلام النسيان ، وسالت من عينيها دمعة حائرة وهى تغادر المكان ،بعد فترة هدأت وعادت إليها نفسها وانطلقت تكمل مهمتها الأسطورية ، تنشر النور فى الشارع المظلم الطويل ، لعلّ الله يهدى بها رجلاً ، ووجدته توسّمت فيه خيراً وأحسّت أن بغيتها لديه واعتدال الميزان على يديه ، يسير وسْط الشارع على دراجته القديمة ، وعلى رأسه تستقر صينية بسبوسة ، يغطيها مفرش رخيص ، بيده اليمنى كيس به أوراق قديمة اشتراها من تلاميذ المدارس ، يلفّ بها بضاعته التافهة ، ويده اليمنى على المقْوَد ، وهو ينساب بين المارة فى خفة يحسده عليها أعتى لاعبى السيرك ، أشارت إليه فترك إحدى قدميه تلتقى بالأرض لتصنع فرامل من نوع جديد ووقفت الدراجة ، ونظرتْ الست المذيعة إليه برقّة تحولت إلى قرف حين صافحتْ عيناها بضاعته ، وبدأتْ ( احنا التليفزيون وده برنا0000) وطلبت منه القليل من التركيز فالسؤال سهل والأمل كبير إن شاء الله ، وسألتْ ( مين الست اللى كانت ساكنة ورا قسم الشرطة فى فيلم ريّا وسكينة ؟) وغاص عنق صاحبنا بين كتفيه حتى كادت الصينية تسقط لولا لطف الله وتدخل أولاد الحلال ، ونظرت المذيعة أليه فى غضب صريح ، واحتقار واضح فتضاءل تحت ثِقَل النظرة وعار الفشل ، بينما وقفت هى تعجبُ وتبكى على ما جرى للبلاد والعباد ، وكيف ضاع التاريخ بينهم ، وذهبت جهود الرواد من الراقصات والطبالين سُدى 0
وتساءلتُ أنا - من أين هبطتْ تلك المذيعة ؟ ولمصلحة مَنْ تنشر تلك الثقافة ؟

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

يعني بالاول الميعه تحزن على حال الشعب لوين وصل
يا دوب يلحق لقمة العيش
ما دمعة عينها علي عيشة الشعب وفقرهم يا حرام الي بتبيع ولم تجد ملابس جيده لها لا دمعه عليها
بتعرفوا وصلنا لمرحلة من انهدار الثقافه وهذه الميعه اكبر دليل لي انهدار ثقافتنا
بالاول نبكي على تاريخ العروبه الي زيف وانهدر وشوي شوي بختفي!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!11

غير معرف يقول...

الحقيقه المره ان هذا هو مستوى تلك البرامج التى تعتبر هؤلاء المصريين الغلابه قد تمتعوا بكل معانى الرغد فى المعيشه ولم يبقى لهم الا ان يبحثوا فى قواميس التاريخ السينمائى واستكمالا للحقيقه المره ان امثال هذه المذيعه هم نتاج السنوات العجاف للثقافه العامه والتى للاسف الشديد كان من نتائجها انه فى احد الاعوام كانت نتيجة اختبار المذيعين والمذيعات للتلفزيون المصرى لم ينجح احد حيث لم يستطع الساده والسيدات المتقدمين للاختبار التفرقه بين الكابتن محمود الخطيب والكاتب الالمعى العالمى نجيب محفوظ فتم الخلط بين هوية كت منهم.
ترحموا معى على الاجيال القادمه وعلى الشباب الذين سيقودون هذا البلد المنكوب فيهم وتخيلوا المستوى المنتظر الذى سيكون واحدا منهم يترأس الوزاره او ان يكون مسئولا واالله لا استبعد ان يترك مسئولياته الجسام ليشاهد فيلم على بابا والاربعين حرامى

غير معرف يقول...

ولا عزاء للغلابة - خلصت همومهم فيجب ان يتثقفوا وكفاية ان المذيعةالمذكورة شرفتهم بظهورهم على الشاشة وبطلعتها البهية (شعب مفترى صحيح)

غير معرف يقول...

سعنى الميعا تسال سؤال والغلبان يموت جعان
لاسف احنا فى الهيافات نتكلم وفى الامور المصيريه نتغاضى عنها اللهم ارحم عبادنا واطعمهم ولا تحوجها اللى الذين لا يفقهو شىء مالنعاج