مقالة اعجبتني!!!!!
ومتاكده انها بتعجبكم……
(توماس باريمز) مكث في السعودية 32 سنة في شركة للبترول كان يراسل حبيبته (كاثلين) في أيام الغربة ،
انتهى من كتابة مذكراته في كاليفورنيا في آذار عام 1984م وأودعها في كتاب كنت أحمله في تلك اللحظة ..
كنتُ أتصفح الكتاب في مكتبة أحب أن أرتادها فالبائع لم يكن مجرد بائع للكتب إنما كان مستشاراً رائعاً لأنه كان قارئا منصحاً وناقداً حصيفاً ،
شاهدتُ الصور التي التقطتها عدسة الكاتب وضمنها ذكرياته ، كانت الصور تعود إلى الفترة التي تم فيها التنقيب عن النفط في السعودية .. أودعتُ الكتاب مكانه ، لكن ذاكرتي لم تودع الصور
عدتُ محملة بالكتب ومحملة بالأفكار والذكريات....
استدعيت الصور التي شاهدتها في الكتاب ..
رجال سعوديين قد لوحت الشمس وجوههم ، الثياب تمت حياكتها بطريقة تتناسب مع أطوالهم التي ستتزايد ...لاوقت لشراء ثياب جديدة(الكفسه) ...كانت هي الحل لمشاكل الطول والذي يتزامن معه الفقر....
النحول بادياً عليهم ....الاعين شبه مقفولة لأن الشمس تمنعها من الانطلاق بحرية إلى كبد السماء ....لا شيء يصل للسماء ..مادامت الشمس هناك ...!
الشفاة المتشققة ...والشماغ المربوطة ...والتي أحالت الشمس لونها الأحمر القاني إلى برتقالي باهت ....والأقدام المتشققة ....والجفاف والخشونة ... ...والخيمة ...واللبن والرطب ...
.والجلافة ووووووأشياء كثيرة ...تخرج في الصحراء....!!
لم يخطر في بال أحد أن يخرج من الصحراء كنز ثمين يحيل هذه الأرض الصحراوية ...إلى مال ...أموال
تمشي وتنساب مع الرمال ....
هذه البلاد التي..لا مطر فيها ولا ماء ولا كلأ ولا أجواء.....ولم يحسب حسابها الاستعمار الأهوج الذي اجتاح بلداننا العربية جمعاء ...!
لم يكن فيها شيئ يغري على الاستعمار ..ذلك الملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً ......تركها لأنها خلت من كل مظاهر الإغراء ...!!
غريبة انا الآن ..!!
ما بالي أكتب بطريقة اعتيادية ...كلاسيكية قديمة تشبه اساليب المذيعين أيام الاحتفال بالمئوية ..أين طريقة
تفكيري التي احبها ..التفكير بالمقلوب
لماذا أنا الآن أفكر بالطريقة القديمة ؟؟؟؟
المقلوب
لا ....لا أريد أن افكر بالمقلوب ....المقلوب ...قد غير اشياء كثيرة في حياة الشعوب
المقلوب يقول بأن هناك قانون كبير ..اسمه ...الأيام دول
الذين عاشوا الفقر ...الآن يعيشون الغنى والرفاهية ...والذين عاشوا الغنى والرفاهية يعيشون الآن الفقر والحاجة ...وإن لم بعيشوها كافراد فيكفي أن تعيشها دولتهم
وأن تكون مرهونة لصندوق النقد الدولي .. ...ولا يمكنها حتى لو عاشت ألف سنة أن تسدد تلك الديون ...
كانت الصور ..تتردد علي ...ويتردد معها في الوقت ذاته صوراً أخرى
فنادق لبنان ...جبال لبنان ....كلها تزدحم بالسواح من دول الخليج ..والأكثرية من السعودية
حول فندق فينيسيا ....سيارت فارهة ...وكل يوم تزداد أعدادها
ماي باخ ...بي إم دابليو......هامر ....رينج روفر ......بورش ....فيراري ....لكزس .....كلها سيارات ..
لوحاتها تحمل أسماء المدن الخليجية .....أبو ظبي ...السعودية ...قطر ...الكويت /العاصمة ......البحرين
هنا في لبنان ...لابد أن تحرص أنت بنفسك على مواعيد الصلاة واتجاه القبلة ...هنا في لبنان تختلط أصوات
الآذان بأجراس الكنائس ...وبصوت نانسي عجرم وهي تردد .....بص بص بص ...نص نص نص ..وتتمنى
أن يرزقك الله بأعلى صوت وبأضخم حنجرة كي تصرخ وتقول لكل شيء ..أُص ..أُص ..أص
أطرقتُ أفكر
لو أننا لم نكتشف البترول ...ترى هل سيتمكن الكثيرون من السفر ...؟؟؟وهل سنتمكن من السكن في أفخم
الأماكن ..وهل سنتعشى في أفخر المطاعم ..وهل سنتناول القهوة في برمانا ..وهل سنتبضع من السوليدير ؟؟؟؟!!!!!
عدتُ مرة أخرى لذاكرة أجدادي ....يوم أن كانوا يعدون لبنان فرنسا ...وبيروت هي باريس الشرق ....وجبال
لبنان لا يمكن أن تطالها أقدام البدو الرحل الذين يعيشون على رعي الماشية في الصحراء ..
إنّ معنى أن أفكر بالمقلوب ...أن أعيش الخوف من المصير ...الخوف من الخطأ ...وأن ندفع ثمن الجحود ...!
أخاف أن نعيش الفقر بعد الغنى ..
لقد ازداد شعوري بالخوف في اللحظات .التي كنت فيها موجودة في الفندق أتابع الاستماع لخطاب جون
كيري الذي كان يلقيه على الشعب الأمريكي ..ويؤكد على أهمية أن تستغني أمريكا عن النفط
السعودي....لقد فكر الأمريكان بطريقة لم نفكر بها نحن ...أن الأشياء تفنى ..وأن النفط ثروة طبيعية قد تنضب
هذا يعني أنه سيأتي زمان لا نملأ فيه خزانات الوقود بالبنزين ..ولا الطائرات بالكيروسين
معنى ذلك أننا سنعود لحياة الفقر ..فلا شيء لدينا سوى النفط ..ولا ثروة عندنا سواه ..ولم نفكر ذات يوم أن نوفر بديلاً أو منافساً له
وإلا سنعود حفاة... عراة ....نرعى الغنم ..ونصنع الليف .....ونسكن الخيام ...
لقد أفاء الله على هذه الأرض بهذا الذهب الأسود ....ولكن ..لو أن المترفين لدينا فسقوا في هذه
البلاد ..حينها ستأتي سنة الله والتي لا تجد لها تبديلاً ..لتأمر بهلاك هذه القرية ..وتدميرها ..لأنها قد حق عليها القول
إن المترفين ...هم السبب في تدمير القرى الآمنة المطمئنة والتي يأتيها رزقها من كل مكان ..وحينما كفرت بنعم الله وما رعتها حق رعايتها وما شكرت الله شكراً يتناسب مع العطاء ...أذاقها الله لباس الجوع والخوف ونقص من الأموال ....
هنا في لبنان ..تتعلم درساً بالمجان... درساً يقول لك أنّ دوام الحال من المحال
وأنك أنت أيها البدوي الذي أتيت من الصحراء.و كانت تزدريك الأعين ..وتهزأ بثقافتك الألسن ...تصبح
بقدرة قادر ... أعظم ضيف و أهم زائر ........يفسح لك الناس الطريق ويرحب بك المقيم ...وينتظر عطاءك
الذي يفتح لك باب السيارة ..و باب المصعد وباب غرفتك ...هنا ...يحمل لك الناس حقيبتك....وفي المطعم
يسحب لك النادل الكرسي كي تجلس أمام أشهى المقبلات والتي سيأتي عليها يوم فتأتي هي
قبلك ..النادل يعطيك القائمة مفتوحة ...كي لا تتعب يدك ....ويسكب لك الماء ...ويكاد أن يمسك لك القدح
ليشرب فمك حتى وإن لم يشعر بالعطش ...
أول سؤال يسألك الناس إياه هنا ....أين تسكن ؟؟؟ وأول شيء يريدون رؤيته هو سيارتك ....
تُرى لو لم يكن جيبك محملاً بالمال ...هل سيحترمك الناس في كل مكان ؟؟؟؟؟
لو لم يكتشف البترول ..هل سنتنلقى هذه الحفاوة ...لا ...بل سنظل .....حفاة ....
لا يمكن للنعم ان تدوم إلا بالشكر ...الشكر للمولى عز وجل على هذه النعمة العظيمة والإلحاح عليه بأن يبقيها لنا ...كي يبقى معها إحترام الناس ..وطاعة الناس ..ويبقى معها كل شيء يشعرك بأهميتك وبآدميتك ...
فنحن في زمن نحترم فيه بسبب جيوبنا وبطاقاتنا ..وثرواتنا ..وأرصدتنا ....!!
لا عز لنا في هذا البلد إلا إذا قمنا بإعزاز الدين ....يوم أن نصرنا هذا الدين نصرنا الله ..وفجر الأرض لنا ورفعنا وأعلى من قدرنا ...من كان يتخيل أن تنجب هذه الصحراء القاحلة ثروة أعظم من الفاكهة والحمضيات ...والنباتات الجذرية والورقيات ...وأن تحمل جنيناً أغلى من الماء العذب في جوف الصحراء
لا عزة لنا ولا كرامة ولا فضل ..إلا بالله ......ولا نصرة لنا إلا بالتمسك بدينه ...وبسنة نبيه ...
لقد علمتنا الدول العربية دروساً لا يمكن لنا أن نتجاهلها ..دروساً من الواقع ...!!
ها قد عدتُ للرياض ...بلد الشمس ...لا مناطق خضراء ولا جبال مورقة ...بل صحراء ...لكنها مليئة
بالبناء ...عدتُ لرياض العز ..و الفخامة والنظافة والشوارع الفسيحة ...
عدت ...ولم أكن أعلم بشوقي لها إلا بعد أن رأيتها ,.... أحبها رغم كل الحر الذي فيها ...رغم قرص الشمس
الذي يدنو منها ..أحبها مثلما تحبها الشمس ..إنها بلد الشمس ...لكنها بلدي أنا أيضاً
عدتُ لبلدي ..وقد سكنت نفسي ...لا شيء يضاهي صوت الآذان هنا ..لا شيء يعلو على ...الله
أكبر ..المتاجر تغلق أبوابها وقت الآذان ...التقدير والتوقير لله الذي منحنا
الإسلام ...والإيمان...والأمن .والأمان...... ...
وشرفنا بأكبر المساجد وأعظم المنارات ....لا تختلط الله أكبر بأجراس الكنيسة ولا بصوت المطربات ..ولا
بالمزامير والطبول ...هنا تعيش الجدية في الأشياء ...لا نساء ...لا تمايل ولا خلط عجيب بين الأشياء ..لا
عري ..ولا استعراض ...ولا سهر ولا سمر ...!!
وإن كان فيها شيء من هذا فأجمل ما فيه أنه في الخفاء ...!!
~
أضائه من مشاعل العيسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق