الدكتوره جيهان النمرسى .. المستشار النفسى للمجموعة بقناه دريم 2 جزء من لقاء مصروف الطفل


16‏/11‏/2008

كن غريبا تفز !!!

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه


له الحمد على ما أعطى و له الحمد على ما منع


فما أعطى إلا فضلا منه و كرماً و ما منع إلا لحكمة


فله الحمد دائما و أبدا


و الصلاة و السلام على من جعله الله سبباً لكل خير نحن فيه


اللهم صلى على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد


و بارك على محمد و على آل محمدكما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد



كن غريبا تفز !!!



في حديث عبدالله بن عمرو قال:


قال النبي صلى الله عليه و سلم ذات يوم ونحن عنده :


طوبى للغرباء


قيل: ومن الغرباء يا رسول الله ؟


قال :


ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم


الحديث صححه الألبانى فى السلسلة الصحيحة



و هكذا إخوتاه حال أهل الحق


إنها غربة أهل الله وأهل سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بين هذا الخلق



قال ابن القيم رحمه الله تعالى فى كتابه القيم " مدارج السالكين" :



لقد عاد الأسلام غريبا كما بدأ


بل الإسلام الحق الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه هو اليوم أشد غربة منه في أول ظهوره



وإن كانت أعلامه ورسومه الظاهرة مشهورة معروفة


فالإسلام الحقيقي غريب جدا وأهله غرباء أشد الغربة بين الناس



وكيف لا تكون فرقة واحدة قليلة جدا غريبة بين اثنتين وسبعين فرقة ذات أتباع ورئاسات ومناصب وولايات ولا يقوم لها سوق إلا بمخالفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم ؟



فكيف لا يكون المؤمن السائر إلى الله


على طريق المتابعة


(يقصد متابعة منهج النبى صلى الله عليه و سلم و صحابته رضوان الله عنهم )


غريبا بين هؤلاء الذين قد


اتبعوا أهواءهم


وأطاعوا شحهم


وأعجب كل منهم برأيه


؟؟؟




ولكن أهل هذه الغربة هم أهل الله حقا


فإنهم لم يأووا إلى غير الله


ولم ينتسبوا إلى غير رسوله صلى الله عليه وسلم


ولم يدعوا إلى غير ما جاء به


وهم الذين فارقوا الناس أحوج ما كانوا إليهم


فإذا انطلق الناس يوم القيامة مع آلهتهم بقوا في مكانهم


فيقال لهم ألا تنطلقون حيث انطلق الناس


فيقولون فارقنا الناس ونحن أحوج إليهم منا اليوم


وإنا ننتظر ربنا الذي كنا نعبده



فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها


بل



هو آنس ما يكون إذا استوحش الناس


وأشد ما تكون وحشته إذا استأنسوا



فوليه الله ورسوله صلى الله عليه و سلم والذين آمنوا


وإن عاداه أكثر الناس وجفوه





وقال الحسن


المؤمن في الدنيا كالغريب


لا يجزع من ذلها


ولا ينافس في عزها


للناس حال وله حال


الناس منه في راحة وهو من نفسه في تعب



ومن صفات هؤلاء الغرباء الذين غبطهم النبي


1. التمسك بالسنة إذا رغب عنها الناس وترك ما أحدثوه وإن كان هو المعروف عندهم


2. وتجريد التوحيد وإن أنكر ذلك أكثر الناس


3. وترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله صلى الله عليه و سلم لا شيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية له وحده وإلى رسوله صلى الله عليه و سلم بالاتباع لما جاء به وحده



وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقا وأكثر الناس بل كلهم لائم لهم



فهؤلاء هم الغرباء الممدوحون المغبوطون


ولقلتهم في الناس جدا سموا غرباء


فإن أكثر الناس على غير هذه الصفات


فأهل الإسلام في الناس غرباء


والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء


وأهل العلم في المؤمنين غرباء


وأهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع فهم غرباء


والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة


ولكن هؤلاء هم أهل الله حقا فلا غربة عليهم


وإنما غربتهم بين الأكثرين


الذين قال الله عز وجل فيهم


" وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله "



فأولئك الأكثرين هم الغرباء من الله ورسوله صلى الله عليه و سلم ودينه


وغربتهم هي الغربة الموحشة وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم


كما قيل



فليس غريبا من تناءت دياره ولكن من تنأين عنه غريب



ولما خرج موسى عليه السلام هاربا من قوم فرعون


انتهى إلى مدين على الحال التي ذكر الله


وهو وحيد غريب خائف جائع


فقال يا رب وحيد مريض غريب


فقيل له يا موسى


الوحيد من ليس له مثلي أنيس


والمريض من ليس له مثلي طبيب


والغريب من ليس بيني وبينه معاملة


ماذا يفعل الغريب ؟



فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه


وفقها في سنة رسوله صلى الله عليه و سلم


وفهما في كتابه


وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات


وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه


فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط


فليوطن نفسه على قدح الجهال وأهل البدع فيه وطعنهم عليه


وإزرائهم به وتنفير الناس عنه وتحذيرهم منه



كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وإمامه صلى الله عليه و سلم


فأما إن دعاهم إلى ذلك وقدح فيما هم عليه


فهنالك تقوم قيامتهم


ويبغون له الغوائل


وينصبون له الحبائل


ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله



فهو غريب في دينه لفساد أديانهم


غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع


غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم


غريب في صلاته لسوء صلاتهم



غريب في طريقه لضلال وفساد طرقهم


غريب في نسبته لمخالفة نسبهم


غريب في معاشرته لهم لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم



وبالجملة فهو غريب في أمور دنياه وآخرته


لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا



فهو


عالم بين جهال


صاحب سنة بين أهل بدع


داع إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع


آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر معروف



فكن غريبا تفز


ودع عنك الناس


وتعلق برب الناس


ولتكن غربتك بينك و بين الناس


و إياك أن تكون غربتك بينك و بين الله


Abo Omar

ليست هناك تعليقات: